قصة قصيرة جدا
مروضة النحيفات!
بقلم: مصطفى نصر
قابلتها في السوق الغربي بعاصمة تلك الدولة المغاربية البعيدة، إنها الحاجة روضة كما تقول، تحمل سوطا قد تشبع بالقَطِران، وترفع صوتها متباهية بقسوة قلبها على النساء الرشيقات.
لم أفهم لأول وهلة ماذا تبيع في هذا السوق؟ ولا لماذا هي قاسية على النساء عموما؟ ولماذا الرشيقات على وجه الخصوص؟ سألت مضيفي الزميل الصحفي ماذا تبيع هذه المرأة؟ ولماذا تتباهى بقسوة قلبها على الحسناوات الرشيقات خاصة؟
ضحك مضيفي ضحكة طويلة حتى ظننت أنه لن يتوقف، وبدأ يشرح لي وهو مستمر في ضحك متقطع بمقدمة بسيطة، هي أن من عادات رجال هذه البلاد عدم التزوج بالنساء النحيفات، فالمرأة الرشيقة هنا لا يتم اختيارها للزواج حتى يلج الجمل من سم الخياط، وستظل بدرجة عانس حتى مماتها.
المرأة المرغوبة والتي تتزوج بسرعة البرق وبمهر مجزٍ ووافر هي التي يتجاوز وزنها الخمسة والسبعين كيلو جرام، ولا سيما من تجاوزت الثمانينات من الكيلوجرامات، والمرأة التي تراها هنا هي مختصة التسمين، رزقها الذي قسمه الله لها، هو تسمين النساء بمقابل أجر معلوم للجميع،
وهي تأخذ الفتاة النحيفة التي يخشى عليها أهلها من العنوسة إلى منزلها، وتحبسها لمدة شهر كامل، ولا تفرج عنها مطلقا حتى تكتسب خمسين إلى ستين كيلو جرام بالتمام والكمال على وزنها، باستخدام الكثير من الحلويات والأطعمة ذات المكونات النشوية والمكملات الطبية الغذائية ومشروبات خاصة من السمن والحليب والعسل.
وهي لا تتورع عن استخدام هذا الكرباج اللامع الذي تراه، إذا لم تلتزم الفتاة بأخذ وجباتها كاملة، وهي معروفة لدى الناس هنا بأنها الأنجح والأكفأ في التسمين لخوف الفتيات من كرباجها القاسي الذي تستخدمه بكفاءة دون أن يهتز لها جفن، لأن نظريتها الحياة هي: إن لم تسمن الفتاة لتجد عريسا بسرعة فموتها خير من حياتها عانسًا.