قراءة نقدية في أسرار فن صياغة المقال (٥) القبعات الخمس لكتابة مقال رفيع

مقال نقدي
قراءة  نقدية في أسرار صناعة المقال (٥)
القبعات الخمس لكتابة مقال رفيع “٣”
بقلم مصطفى نصر

اقتبست لكم في المقالين السابقين من كتاب الأستاذ أيمن عبد الرحمن خير المحامي (٥ مهارات لكتابة قانونية رفيعة) طبعة القاهرة ٢٠٢٢م، "١" فكرة القبعات الخمس للكتابة الرفيعة، لكني اقتبست بتصرف، بعيداً عن أجواء الكتابة القانونية وما تقوم عليه من دفوعات ومواد القانون، موجهاً الموضوع نحو الكتابة عموماً وليست المستندات القانونية وحسب.
وكنت قد شرحت  وفكرة القبعات الخمس باختصار شديد، وشرحت كيف يتقمص كاتب المقال شخصية المهندس المعماري، ثم كيف يتقمص شخصية “المجنون” الذي اخترت له لقب “المبدع” بدلا من “المجنون” ثم في المرحلة الثالثة مرحلة الصياغة كيف يتقمص شخصية “النجار”  في أداء حرفته ككاتب مقال، ثم شخصية الناقد، وفي هذا المقال الأخير سوف نتناول القبعة الخامسة والأخيرة من القبعات الخمس لكتابة مقال رفيع،لنتناول قبعة  المخرج، ففي هذه المرحلة يجب القيام بلمسات أخيرة قد تبدو صغيرة جدا لكنها كبيرة  الاهمية، وبهذه العملية الأخيرة في عمر المستند وفي هذه المرحلة تقوم بتقمص المخرج السينمائي الذي يعنى بإخراج المستند إلى العالم، في هذه المرحلة عليك بالنظر للاستخدامات المتعددة للمستند وطريقة عرضه، ليتناسب مع الاستخدامات المختلفة لهذا المستند، حتى بعد إرسال المستند إلى المتلقي فان عليك العمل على حفظ نسخة من المستند بطريقة تسهل الرجوع إليه في كمبيوترك أو لوحك الرقمي، لتعود اليه بسهولة ويسر كلما دعت الحاجة الى ذلك، وعليك العمل على جعله قابلاً للاستخدام في مجالات أخرى في المستقبل، بحيث تتحقق الاستفادة القصوى من الجهد الذي بذل في صناعة هذا المقال كمرجع، إن كل مستند تصيغه يمثل استثمارا وفرصة للتطور، ومن خلال تكوين مراجع من هذه المستندات يمكنك تطوير مهارات الصياغة  مع الاستخدام الأمثل لمواردك من الوقت وغيرها من الموارد.


يبقى أخيرا ضرورة الاستثمار في عمليات التطوير والتعلم المستمر والاطلاع فالكاتب الجيد هو قاريء جيد بالضرورة، ولا بد للكاتب الصحفي من أن يكون كثير الاطلاع والمتابعة، وليس هناك بديل للقراءة في تحسين الكتابة، اقرأ تجارب كبار الصحفيين في تقنيات وخطوات بناء مقالاتهم، ولا تحصر نفسك في المقالات الصحفية  فقط، وانما يجب أن تشتمل قراءتك مجالات أخرى خارج نطاق المقال الصحفي وعليك اختيار الكتاب المجيدين في كتابة المقال الأدبي لكي تتعلم من أسلوبهم في الكتابة ومن طريقة اختيارهم للكلمات وتنسيقها وترتيبها.

يجب أن تكون القراءة عادة يومية لك كصحفي  تستقطع لها نصيبا من المال لمتابعة الدورات التدريبية التي تمدك بكل جديد. وقد يرد البعض بكثرة الأعمال والانشغال بالتزامات متعددة، ولكن هناك طرق "لحشر" القراءة بين الأعمال التي تقوم بها. اليك بعض الأمثلة التي يمكن أن تختار منها ما ينساب شخصيتك:
• إذا كنت قارئا مبتدأ فقد يكون من المناسب أن تستخدم أسلوب "الخلطة". أسلوب الخلطة هو أن تخلط شيئا تحب القيام به مع شيء مهم تريد أن تجعله كعادة مثل القراءة أو الرياضة. إذا كنت مثلي من مدمني القهوة فيمكنك أن تجعل المقهى المفضل الذي تذهب اليه لتناول هوتك هو مكان للقراءة بحيث تدمج متعة القهوة مع القراءة. بمرور الوقت فان عقلك الباطن سيربط القراءة بالقهوة، وبمرور الوقت ستصبح القراءة محببة لديك كما القهوة، إذا مللت من الكتاب المطبوع  فيمكنك استبداله بالكتاب المسموع، فهو متوفر بالشبكة العنكبوتية وفي كافة المجالات والعلوم، وهو مفيد جدا خاصة وأنت تقود سيارتك وبالضرورة عندما تكون عالقا في زحمة الطرق.
والصحفي يحتاج لثقافة متنوعة، فأخرج من مجال  القراءةفي مجالك بين الحين والآخر الى قراءات متنوعة في القانون والعلوم السياسية والاجتماعية والنفسية، فستكون خير زاد لك وأنت تكتب مقالاً اجتماعياً او فلسفياً او فنياً، واستمع أيضا للفضائيات الكبيرة وتعلم من طريقة عرضهم للمادة الاخبارية وفي كافة المجالات.
وبالله التوفيق