اجرى بروفيسور إيريكا راسون-راميريز
من قسم الاقتصاد بجامعة "ميدلسكس" وفريقه البحثي دراسة علمية بدعم من معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية الأميركي. واستخدم راسكين-راميريز قياسات معينة لتحديد ما هي معايير تسمية أفضل طفل في الدراسة. ونظر الباحثون في مدى احتمالية بلوغ الطفل مراحل التعليم الجامعي وإتمام مراحل الدراسات العليا ما بعد الجامعة.اشتملت الدراسة، التي استغرقت 6 سنوات، على حالات لعدد 15500 تلميذة تتراوح أعمارهن بين 13 و14 عاماً. وتحرى الباحثون عن مدى حزم أم الطفل وكيف يرتبط ذلك بنتائج الطفل في الحياة.أشارت النتائج إلى أن الأطفال، الذين ولدن لأمهات حازمات، يحتلون مرتبة أعلى في مجال الثقة بالنفس، لأنهم يشعرون بأمان أكثر، ويترعرعون وهم أكثر نضجاً من الناحية العاطفية.وأكدت نتائج الدراسة أن المراهقين، الذين قامت بتربيتهم ورعايتهم أمهات صارمات، تمكنوا من إتمام دراستهم الجامعية وحصلوا على وظائف جيدة. كما حقق هؤلاء الشباب نجاحات في حياتهم بشكل عام، فيما يعد دليلاً على أن صرامة الوالدين التي تصل إلى حد الإزعاج في بعض الأحيان تؤتي ثمارها بنهاية المطاف يميل البعض إلى الاعتقاد بأنهم أصبحوا ناجحين بسبب عملهم الشاق. ويتخيلون أنهم نجحوا على الرغم من القواعد التي كان يفرضها الوالدان. في حين أن هذا التخيل يعد لياً للحقائق، لأن الأبحاث تُظهر أن هذه القواعد تؤثر في الواقع على التنشئة بشكل إيجابي. كما أنه حتى لو حدث خرق للقواعد، التي يفرضها الوالدان، فإن التأثير الإيجابي يستمر بطريقة خاطئة، ويوضح الباحثون أنه بمجرد أن يعرف الأطفال ما هي الحدود الواجب الالتزام بها، فإنهم يفهمون أن لديهم معايير أعلى يصبون للارتقاء إليها والتمسك بها.ويلعب ضغط الوالدين دوراً فيما إذا كان هناك مراهق يتعثر في حياته أو ينجح في إتمام دراسته الجامعية. ويمكن أن تسهم بعض الضغوط الإيجابية في تعزيز فرص الطفل في الحياة. ويمكن للوالدين، مع القليل من الصرامة، أن يساعدوا أطفالهم على تحقيق النجاح.
يمكن دائماً تحقيق الكثير من الأشياء الجيدة. وعلى ما توصلت إليه نتائج هذه الدراسة، فإن هناك دراسات أخرى تقول إن صرامة الوالدين لا تحقق سوى الحد الأدنى من الفائدة.وتعتقد أخصائية العلاج النفسي فيليبا بيري أنه يجب أن يكون هناك بالتأكيد بعض الحدود والقيود على مدى صرامة أحد الوالدين.عندما يواجه الطفل قواعد صارمة، ربما يلجأ للكذب للهروب من العقوبة المحتملة. وغالباً ما يكذب الأطفال لأنهم يشعرون بعدم الأمان لدى إخبار والديهم بالحقيقة. فإذا ما واجهوا الانضباط المفرط أو الإذلال أو تعرضوا للضغط ليكونوا مثاليين، ربما يلجأ البعض منهم إلى الكذب لتجنب التداعيات والهروب من العقوبات المتوقعة.ويعني ذلك، في الأساس، أنه من الخطأ الوقوع في دائرة الإفراط في الصرامة. ويتطلب الأمر أن يكون هناك توازن واقعي بين إنفاذ القواعد وبين إعطاء الأطفال المساحة الكافية لقول الحقيقة وعدم الكذب. وينصح الخبراء كل أولياء الأمور بضرورة توخي التوازن الصحيح، من أجل تنشئة وتربية طفل سليم وناجح.
ويؤدي الإفراط في الصرامة إلى علاقة سلبية قائمة على الخوف يترتب عليها ما يلي:• تفتقر العلاقة بين الطفل والوالدين إلى التعاطف وتزيد من التسلط.
• زرع الخوف والانضباط القاسي الذي يؤدي إلى ظهور الأطفال المتمردين.
• فرض قواعد صارمة بالخطأ من واقع اعتقاد الوالدين أنهما دائماً على حق وصواب.
• تشجيع الكذب وتشويه شخصية الطفل الذي يصبح حسن السلوك فقط في وجود الوالدين.
• يؤدي إلى تنمر الطفل في تقليد لنموذج تعامل والديه.