في استطلاع للرأي أجرته الصحيفة التي أغلقت أبوابها قسرا في العام الكارثي ٢٠٢٠م (آخر لحظة) في مثل هذا اليوم من العام الماضي بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة ١٣ فبراير ٢٠٢٠م، ابدى عدد كبير من أبناءً وبنات السودان في العينة العشوائية ممن شملهم الاستطلاع وعددهم ٢٠٠ فرد من الذكور والإناث في مختلف المراحل السنية من ١٥-٦٠ عاما اهتمامهم البالغ بالبرامج الإذاعية، مما يشير إلى أن الراديو ما يزال مستمرًا في توهجه القديم، لم تمح الأيام صورته أو دوره الفعال في توعية وتثقيف المجتمع، بل والترفيه عليهم بما يقدمه من رسالة إعلامية متنوعة ظلت مهمة على مر العصور، خاصة في الأرياف والأصقاع البعيدة، التي ظل عدم وجود الكهرباء فيها يجعل من الإذاعة وسيلة الترفيه الأولى لهم.
سوى أن دراسات متعددة آخرها بحث الماجستير الذي قدمه زميلنا الصحفي فرح امبدة، الموسوم بعنوان: (إذاعة أم درمان وقطاعات العرب الرحل) أشار إلى أنه خلال جولة ميدانية له بمناطق الرحل بغرب ووسط دارفور لاحظ أن الإذاعة السودانية ما زالت عاجزة عن الوصول إلى قطاعات كبيرة من الرحل في دارفور، حيث ظل قطاعا عريضا منهم يعانون من عدم مقدرتهم على التقاط اشارة راديو أم درمان، سواءً عبر الموجات الطويلة أو القصيرة أو المتوسطة، خاصة وأن ٩٥% منهم أشاروا إلى عدم مقدرتهم على اقتناء أجهزة راديو شديدة الدقة في القدرة على الالتقاط، منبها في بحثه إلى أن خطورة ذلك تكمن في أن البديل المتاح لديهم هو ضبط أجهزتهم على راديو تشاد وراديو إثيوبيا بدلا عن إذاعة دولتهم الأم، مما يشوش عليهم في تعدد الرسائل الإعلامية لهذه الدول، والتي قد تكون مناقضة في بعض الأحيان للرسالة الإعلامية لبلادهم.
المؤشر الآخر الذي التقطناه من استطلاع الرأي الذي تحدثنا عنه قبل قليل هو أن الوسيلة لسماع الراديو لقطاع عريض من العينة يصل إلى ٩٥٪ منهم لم يعد عبر الوسيلة التقليدية (الراديو) الذي كان سيد الموقف في عصر سابق من العصور، حيث أشار ٦٠٪ منهم إلى أن استماعهم للإذاعة يكون في الغالب عبر الموبايل، و٣٥٪ منهم أشاروا إلى أن استماعهم يكون عبر إذاعة السيارة، أثناء رحلتي الذهاب والإياب للعمل، في مقابل ٥٪ فقط أشاروا إلى أن الحياة لا تحلو لهم الا وهم يحتضنون جهاز الراديو التقليدي منذ أول ساعات الليل وإلى أن يداعب النوم أجفانهم في آخر الليل، وغالبًا ما ينامون والراديو مفتوح إلى أن يأتي فرد من أفراد الأسرة لإغلاقه في آخر الليل، وربما يبيتون والراديو مستمر مفتوحا حتى صباح اليوم التالي، منهم صديقنا الراحل المقيم أستاذنا الصحفي اللامع عليه رحمة الله مؤمن الغالي، الذي غالبا ما يتناول في عموده الشهير (شمس المشارق) ملاحظات حول برامج استمع إليها في الليل البهيم، خاصة البرامج التي يظفر فيها على جلسات إذاعية يقدمها او يكون من ضيوفها أصدقاؤه عبد الوهاب هلاوي أو صديقه الراحل المقيم سعد الدين إبراهيم أو ذو النون بشرى أو صلاح الدين الفاضل وغيرهم.
سوى أن قطاعا عريضًا من السودانيين وأنا منهم ناقمون بشدة على إذاعات الاف ام، التي أصبحت تتيح لكل من هب ودب فرصة أن يكون إعلاميا عبرها من شباب وشابات، يجهل الجميع المعايير والأسس التي يتم اختيارهم عبرها!! حيث يفتقر أكثرهم حتى لمزية سلامة اللغة، وحسن الصوت، وإننا بمناسبةاليوم العالمي للإذاعة ندعو القائمين على أمر هذه الإذاعات للالتقاء وإقامة ورشة عمل لوضع معايير مهنية وقدرات محددة لاختيار الإعلاميين للعمل، ووضع خطط مستمرة لتأهيل وتدريب الكوادر الاعلامية لنحظى بقامات اعلامية بحجم وقدرات حمدي بولاد وحمدي بدر الدين وعمر الجزلي ومحمد خوجلي صالحين وأحمد سليمان ضو البيت وعمر عثمان وبنات المغربي وعفاف صفوت ويسرية محمد الحسن ونجوى آدم عوض، وغيرهم من الأفذاذ من اعلاميي الرعيل الأول نعتذر بشدة لكل القامات الإعلامية السامقة التي فاتنا ذكرها