ومضة
مصطفى نصر
مأمون حميدة وأكذوبة البراءة
* ألحت بعض الصحف (الرمادية) المدعومة من النظام السابق نظام (الجنجوكوز) على أن مأمون حميدة قد حصل على براءة بأمر النيابة، وعاد أحد من سموا أنفسهم بـ(كرام الصحفيين) الذين بعزقوا كرامة الصحافة لمن يدفع من الولاة بالتطبيل والإشادة بقيادة نقيب الغفلة المخلوع الرزيقي، لعادته القديمة في تمجيد الساقطين عبر مقالات مدفوعة القيمة مقدماً، حيث أطنب في أنه لم تثبت على مأمون أي تهمة من الاتهامات التي وجهت إليه، منساقين جميعاً وراء أكاذيب شقيقه (حافظ) الذي قال لهم إن النيابة لم تجد عليه أي شبهة في الاتهامات الموجهة إليه، دون أن يستخدموا عقولهم الفارغة في قراءة الحيثيات القانونية، حيث أن أصغر طفل يعلم أن الإفراج بالضمان معناه أن النيابة لم تصل بعض لحكم في شأن المتهم، وأن الإفراج مع المنع من السفر وحجز الممتلكات لا يمكن أن يكون دليل براءة بأي حال من الأحوال..
* جاء بيان النيابة العامة ليكشف مدى جهالة هذه الصحف الرمادية بوضوح لا لبس فيه، حيث قطعت النيابة العامة بأنها لم تشطب البلاغات الموجهة ضد وزير الصحة السابق في ولاية الخرطوم مأمون حميدة، وقالت إن البلاغات لا تزال مفتوحة، وأنها أطلقت سراحه لاستيفائها جميع فترات إبقائه بالحبس القانوني، ووأنه يواجه عدة اتهامات في دعاوى جنائية في نيابات مختلفة، وكشفت النيابة أنها حظرت حميدة عن السفر وحجزت جميع ممتلكاته، وأنها أطلقت سراحه بعد أن توفر ضامن كفء ومقيم داخل دائرة الاختصاص، وجزمت أن إطلاق سراحه بالضمان لا يعني شطب البلاغات في مواجهته .
* هذا الرد يؤكد بجلاء أن بعض صحفيينا في حاجة كبيرة للتأهيل والتدريب، فلا يعقل أن يكون الصحفي العامل الذي يدبج المقالات والتقارير يجهل قواعد قانونية بسيطة تتعلق بمعنى الإفراج بالضمان الشخصي، فهي معلومات أولية لو جهل بها الصحفي فإن مهنيته وواجبه وشروط الاستقصاء والتثبت والاحترافية تحتم عليه الاستعانة بصديق من القانونيين يسأله عن أبعاد القرار ودلالاته قبل أن يكتب، لذا فإنني أضم صوتي لصوت شبكة الصحفيين السودانيين وصوت الأخ وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح إلى ضرورة تأهيل الصحفيين المهنيين وتهيئة البيئة العملية في المؤسسات الصحفية، بعد ثلاثين عاما من التميش لدور الصحفي السوداني واستغلاله للتطبيل للنظام السابق ورموزه عبر مواد مدفوعة القيمة يعلمها الجميع، تحت وطأة أجهزة البشير الأمنية الثقيلة، في إطار القتل والجرح والقبض والأذى
والابتزاز، رغم أن الغالبية من الزملاء كانوا مثالا للصمود والتحدي لم ينحنوا أمام كل العواصف.
خلاصة الواقع فإن مأمون حميدة أطلق سراحه بالضمان الشخصي لحين اكتمال ملفه وتحويله للقضاء، ولا سلطة لأحد سوى القضاء في إثبات براءته من عدمها.