ومضة
مصطفى نصر
دهب أمك
* نسمع في هذه الأيام عن مطربين شباب بألقاب كبيرة جداً لا تقل عن الإمبراطور والقيصر والدولي والسلطان.. والعنكبوتة.. والمارد الحنون.. والمدمر..ثم أصبحوا يسمون الفنانين بأماكن سكنهم مثل (ندى القلعة) وشهاب الدناقلة، وطلال الساته، وهم لا يملكون أغنية واحدة يعرفها ويرددها الجمهور .. وهم فرحون بهذه الألقاب الرنانة ..يظنون أنهم سيخرقون الأرض.. وأنهم سيبلغون الجبال طولاً .. لذا فإني أريد أن أطرح لهؤلاء الشباب درساً أتمنى أن يستمعوا له ويفهموا الرسالة التي يحويها.. وهي قصة واقعية جمعت بين الفنان القامة زيدان إبرهيم وشيخ النقاد الفنيين الصحفي الشهير أستاذنا ميرغني البكري- رحمة الله عليه- حيث أن الأخير أعجب جداً بظهور الموهبة الشاب في ذلك الحين زيدان إبراهيم.. وقد كانت قراءته لهذا المطرب صحيحة جداً بحكم خبرته الفنية، فأصبح يثني على موهبته بالصحف، وما أن ظهرت الأغنية الثالثة لزيدان وهو في بداية الطريق إلا وأطلق عليه لقب (العندليب الأسمر) ..هنا أيها المطربون الشباب لم يفرح زيدان بهذا اللقب ..ولم يركِّب (مكنة) فنان كبير أصاب الغرور نفسه، بل على العكس تماماً توجه زيدان مباشرة لمنزل ميرغني البكري، وهبَّ في وجهه غاضباً: أسمع يا أستاذ أرجوك أن توقف كتاباتك عني، وأن تسحب مني هذا اللقب.. فأنا ما زلت في بداية الطريق، وهذه الحفاوة وهذا اللقب سيصيبني بالغرور.. وبدلاً من أن اتقدم للأمام سأتوقف تماماً.. فأرجوك يا أستاذ أن لا تحرجني.. فكيف تلقبني بهذا اللقب وأنا لم أقدم سوى 3 أغنيات فقط؟
*وقد ذكر لي أحد الأخوة عن مطرب مبتدئ قيل أن اسمه الشاب عبد السلام.. ليس له حتى أغنية واحدة كملكية خاصة به.. جاء للمشاركة في منتدى راشد دياب بوصلة غنائية. فدخل بسيارته مباشرة إلى داخل المنتدى.. وفي حركة تشبه حركات النجوم الكبار في هوليود، نزل أحد الرجال (طويل المنكعين) (شلولخ) بعضلات قوية يشبه جنود المارينز الأمريكان، ففتح له الباب فنزل من سيارته وهو ظالم لنفسه.. وشخصان من (البودي قارد) من الرجال الشداد الغلاظ يحيطان به.. ويمثلان دور الحماية له من تدافع الجمهور نحوه.. رغم أن لا أحد من الجمهور يعرف من هو هذا الشخص أصلاً.. وبعد أن صعد الى المسرح وهو يترنم بأغاني الغير التي لا يملك من بينها ولا حتى أغنية واحدة .. عاد لسيارته بنفس هذه الطريقة الدرامية (والبودي قارد) يحيطان به .. وخرجت السيارة مسرعة كأنما هي تتفادى كاميرات المتلصصين من العاملين في الميديا.. رغم أن أحداً لم يهتم بدخوله ولا خروجه.. بينما قمم الغناء السوداني الذين قدموا مئات الأغاني يرددها الجمهور ليل نهار.. على رأسهم الأستاذ والقامة الفنية محمد الأمين. . الذي يحفظ له الجمهور عن ظهر قلب 150 أغنية ونشيد من انتاجه الخاص.. رأيته بأم عيني يدخل إلى حفله بنادي الضباط بتواضع جم .. يحيي الجمهور إلى أن يصل الى خشبة المسرح.
* فمن أين أتى هؤلاء الناس بالله عليكم.. وكيف يجرؤون على تقبل هذه الألقاب الكبيرة وما هم سوى أصفار كبيرة وقامات متواضعة.. وما رأي السيد الفنان القامة نقيب الفنانين عبد القادر سالم فيما نرى من فوضى الوسط الفني، وفيما يدور الآن بالساحة الفنية التي أضحى فيها الغناء مهنة من لا مهنة له.. ومارأي السيد البشير جمعة سهل مدير عام المصنفات الفنية في هذا التلوث السمعي باسم الفن، في زمن صارت فيه أغنيات مثل (كتلتني كتل) و(دهب أمك) و(ياباكو السجاير ولع لي نحرقو) و(وناس دبي ناس سواطة).. هي سيدة الموقف؟ ولعل أكثر ما ينذر بالخطر، أنه قد ورد في إحدى الصحف أن المطربة الرصينة ميادة قمر الدين، ذكرت أن أطفالاً في البدعة المسماة (حفلات تخريج الروضة) قد طلبوا منها أغنية (بتدقا)!!
آخر لحظة غداً 10_3_2018