ومضة
مصطفى نصر
لا خير فينا إن لم نقلها
* (لا خير فينا إن لم نقل إن في حبس المهندس عثمان ميرغني، وأستاذنا فيصل محمد صالح، ومنع جريدة الجريدة من الصدور حتى في نسختها الالكترونية، تجن بالغ على حرية الصحافة والتعبير، لم يشهد مثله السودان حتى في أيام الاستعمار، ونذكر السلطات بأن هؤلاء الإخوة لم يفعلوا سوى واجبهم المهني الذي تمليه عليهم أمانة الكلمة، ليس معهم سوى أقلامهم المجردة، ولعل من أبسط الحقوق أن يقدم لمحاكمة عادلة تتيح له حق الدفاع عن نفسه، إن كان هنالك اتهاماً موجهاً له، أو أن يطلق سراحه فوراً لحالته الصحية، وحاجته للإشراف الطبي الدائم، ولا أدرى ماذا ينتظر الرزيقي ولجنته الموقرة في الاتحاد، وحرية الصحافة تنتهك لهذه الدرجة، وماذا سيقول لاتحاد الصحفيين الأفارقة في مؤتمرهم حول أوضاع الصحافة في السودان، وأخشى ما أخشاه أن يكون الرزيفي ومساعدوه يطمعون في الحفاظ على موقعهم في انتخابات هذا العام، بعد كل هذا السوء في الأداء، وهم يتفرجون على حرية الصحافة تنتهك، وزملاؤهم في السجون، ويكتفون بالوقوف في موقف المتفرج.
* لا خير فينا إن لم نقلها، أشعر بحالة بالغة من الأسى والحزن، وأنا أشاهد محاكم الطواريء تصدر الأحكام جزافاً في حق المحتجين الشباب والشابات، بتهم واهية، من بينها محكمة وضع فيها علم السودان رمز عزتنا وكرامتنا كمعروضات، دليلاً على تلبس حامله بجريمة حمل العلم، وأوقعت المحكمة على حامله عقوبة السجن شهراً لهذا الفعل، كأنما علم السودان قد أصبح من الممنوعات، كما رأيت هنالك بأم عيني مجموعة من النساء يبلغ عددهن 15, يصر الشاكي من جهاز الأمن على أنه رآهن رؤية العين يرددن النشيد الوطني، ويقضي القاضي لهن بالبراءة، لأنه لحسن الحظ إن ترديد النشيد الوطني لجمهورية السودان لم يعد بعد من الممنوعات وليس جريمة، ويحمد لمحكمة استئناف الطوارئ أنها قد رفضت حكماً على أحد الشباب بثلاث سنوات سجن، رغم أنه طالب جامعي، لم يراعِ القاضي ولا ضميره القانوني، أثر ذلك على مستقبله كطالب، لذا أضم صوتي لصوت الأشقاء في الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الشعبي بإلغاء الشق المتعلق بتطبيق قانون الطوارئ على المحتجين، لأن فيه تجنياً واضحاً على حقهم الذي نصت عليه وثيقة الحقوق والدستور.
* لا خير فينا إن لم نقل إننا لم نر تطبيقاً لهذا القانون على سارقي قوت الشعب من القطط السمان، مما يؤكد أنه قد سن خصيصاً لإخماد الاحتجاجات السلمية، ولكن هيهات، والدليل وجود عشرات النيابات والمحاكم للمحتجين، مقابل لا شيء للقطط السمان، كما فهم النائب البرلماني برطم أخيراً، وتراجع عن تأييده لسن قانون الطوارئ، ورغم تعدي هذا القانون غير المبرر على حقوق المتظاهرين، ورغم تجاوز رجال الأمن بالدخول للمنازل الآمنة، وترويع النساء في منازلهن والدخول عليهن دون أستئذان، كما هي آداب وقيم وأخلاق هذا الشعب، كما رأينا في الفيديو المتداول الذي يمثل قمة السقوط القيمي والأخلاقي، ما يزال المدعو الفاتح عز الدين يدعو لتشديد العقوبات، ويتمنى بفكر عجيب وهو أمين الفكر بالمؤتمر الوطني للمفارقةبالمناسبة، لو أن قانون الطواريء، يحكم على المتظاهرين بالإعدام لينعم هو بالهدوء والسكينة.
* أوقفوا هذه المهازل فوراً وستنهال على رؤوسكم لعنات التاريخ يا أعضاء البرلمان بعد أن قننتم لهذه المأساة، ويكفي ما رأيتموه من تعدٍ سافر على أبنائكم الطلاب في جامعة العلوم والتكنولوجيا وجامعة السودان العالمية، فالتاريخ لا يرحم، وهذا الجيل من الأبناء لن ينسى لكم اعتدائكم على حقه في حياة جميلة يعمها الرخاء والرفاه.