ومضة
بقلم: مصطفى نصر
أيام في الأزهر (14)
* ظللت في قسم التأريخ والحضارة أمد في حبال الصبر علي اتعايش مع الفراعنة ما قبل التصنيف الأسري.. درسنا الكثير عن عاداتهم الحياتية وانجازاتهم في الخلق والإبداع.. كما درسنا أيضا حول تقاليدهم الجنائزية .. فحفاوتهم بالموت كخفاوتهم بالحياة.. وعالم مابعد النشور يدل على إيمانهم بيوم آخر وتمسكهم بالحنوط والغسل وحرصهم على ألا يفنى الجسد .. هو ايمان منهم بأن يكونوا في كامل هيئتهم عند عودة الروح للأجساد .. ومقتنياتهم الثمينة التي تدفن معهم دليل على حرصهم على أن تكون قيامتهم في يوم النشور على أحلى حلة وفي كامل البهاء.. فلا أدري ما هي حجة من يصفون الفراعنة بالوثنية.. فالإله (آمون النبتي) أو مايسمى في الثقافة الفرعونية ب(رع) هو إله غير منظور .. له كهنة يديرون الحياة بسلطات يدعون أنها مستمدة من الإله.. ويصدقهم الناس ويمنحوهم الاحترام اللازم لمقاماتهم الأقرب من الإله.. وأيضا فراعنتنا السودانيين بعد أن اتخذوا لهم آلهة مستقلين من (رع) أو آمون إله الفراعنة المصريين.. منهم أباداماك إله الحرب الذي يجسد الاله في جسد محارب ووجه أسد .. وقد وجدت نقوشه وتماثيله في عدة اماكن مختلفة من السودان .. مثل مروي والنقعة والمصورات والبطانة.. والتي يبدو انها اكثر الأماكن التي تمت عبادته فيها خصوصاً النقعة.. حيث يوجد معبد آباداماك مصوراً علي هيئة أسد بثلاثة روؤس واربعة ايادي، و ايضاً وجد برأس واحد.. وقد لعب دوراً صغيراً في الديانة المصرية عبر تأثير الحضارة المروية ويعتقد العلماء ان الاله الاسد (آباداماك) هو إله غيبي لكنه تجسد في صورة أرضية في شخص الملك العظيم نتاكاماني زوج الملكه العظيمه أماني تاري وابن الملكه العظيمه أماني شكتو.. فقد عرف عنه انه كان محاربا شرسا وشجاعا.. عبده الكوشيون والنوبيون والمرويون وحتى بعض المصريين القدماء في الصعيد..
* درسنا في قسم التأريخ أيضا تاريخ الحضارة الاسلامية منذ ما قبل البعثة النبوية وحتى عصور الانحطاط في العصرين العثماني والمملوكي.. ودرسنا شيئا من تأريخ مصر الاسلامية وآثارهم.. وشيئا من تعريف الآثار وشروط وصفها بأنها أثرية.. وكيف نحدد الحقب التاريخية للآثار .. وأشياء أخرى كثيرة.. وقد التقيت في تلك الأيام بالأخ فتحي بحر الدين من ربك وهو معنا في نفس القسم والكلية .. والذي شاءت الظروف أن اجتمع معهم في شقة واحدة هو وفضل محمد صافي النور أيضا من ربك .. درس إدارة أعمال بالجامعة الأمريكية (إدارة فنادق).. وأخوة آخرين سكنا معا في 7 شارع الهلباوي شقة 3 في منيل الروضة بالقاهرة في السنة الأولى .. وقد استمرت حياتنا بنفس نمط الاسكندرية في الميز والواجب المنزلي في الطبخ مرة في الأسبوع.. وقد تشارك معي غرفتي مبارك ود البطري الذي درس في معهد السينما إخراج .. ولم يكن حريفا في الطبخ ﻷن هذه كانت المرة الأولى له التي يغادر فيها منزلهم.. فكنت أستعين به فقط في المشاوير وإعداد الاحتياجات و غسيل العدة
* مضى بنا ذلك العام هادئا وقليل الفلس.. إذ أننا في هذا العام أصبحنا نتلقى إعانة مالية من الدولة قدرها عشرة جنيهات مصرية في اﻷول.. ثم رفعت لعشرين جنيها أيام السكرتير الثقافي الراحل محمد سعيد معروف عليه رحمة الله.. الصحفي الشهير .. وهو من مؤسسي صحيفة (اﻷضواء) وكتابها الأساسيين مع رفيق دربه محمد الحسن أحمد .. فقد كان من أفضل السكرتيرين الثقافيين .. وكان حريصا على مصالح الطلاب الدارسين بمصر..وكانت تساعده نائبته أم زميلنا منتصر أبو المعالي (نسيت اسمها) في إدارة شؤون الطالبات..كان طلاب الأزهر يصرفون معونتهم المالية التي تغذيها السفارة في المصارف .. في بنك مصر فرع مدينة نصر.. وكانت لاتتجاوز اليوم الخامس من كل شهر بأي حال من الأحوال.. حيث كانت الدولة محترمة وحريصة على ألا يحتاج طلابها لأحد
الرئيسية
