اللاهثة وراء السراب
بقلم: مصطفى نصر
فوجئت بسؤال صديقتها الصادم لها: ماذا لو وجدتِ زوجك في أحضان امرأة أخرى؟
خُيل لسلمى أنها لم تسمع السؤال جيدا، بل راودتها رغبة ملحة في أن تستوثق هل هو حقا السؤال الذي طرحته صديقتها عليها أم غيره، إذ لم تتوقع أبدا أن يأتيها سؤال بكل هذا الطيش واللؤم ليقلب حياتها رأسا على عقب، من صديقة طفولتها وصباها "عبير" وليس سواها!
لكن "عبير" قد بددت شكوكها بتكرار نفس السؤال مرة أخرى، للتأكيد على صحة ما سمعت،
سألتها عن سر هذا السؤال الغبي، وكيف يتطرق إلى ذهنها مثل هذا السؤال الافتراضي الذي لا يمكن أن يحدث أبدا في الواقع.
قالت لها عبير: الله الله! وما هو مصدر كل هذا اليقين، ولماذا تفترضين عدم واقعية مثل هذا السؤال؟!
أجابت سلمى: لأن زوجي في كامل الرضاء عن بيت زوجيتنا هذا، لم أسمع منه يوما ما يدل على الضيق أو التذمر من حياته معي، وأنت صديقتنا المشتركة، هل شكا لك يوما عن شيء ينقصه؟
قالت لها عبير: بصراحة، لم أسمع منه أي كلمة تذمر، لكن دعيني يا صديقتي العزيزة التي أحبها وأتمنى أن لا ترى شرا في حياتها أسألك: هل تذكرين آخر مرة جاء زوجك إلى المنزل فوجدك بالمنزل وأنت في كامل البهاء كزوجة تستقبل زوجها وقد أعدت له أصناف الطعام التي يحبها؟!
قالت سلمى: أف يا عبير! دعك من مثل هذه السخافات، أظن أنك أدرى الناس بظروف عملي التي لا توفر لي وقتا لمثل هذه الترهات، أنت تعلمين أن عملي في الكلية صباحا، ثم كطبيبة في مستوصفنا الخاص عصرا، ثم عيادتي الخاصة ليلا، لا يوفر لي وقتا لمثل هذه الترهات، وكما تعلمين أن الشغالة ماما أميرة لا تقصر أبدا في توفير كل مستلزمات المنزل لزوجي وأطفالي وما لذ وطاب من الطعام.
عبير: هل ستعودين لهذه الأسطوانة المشروخة التي أحفظها عن ظهر قلب؟ أظنني قلت لك عشرات المرات إن قصة انشغالك الدائم بالعمل ليست مقنعة لي، وليست مبررا كافيا يعطيك عذرا أو مبررا
، زوجك يا ست هانم ليس عاملا أو موظفا بسيطًا في حاجة لمن يعينه على أعباء الحياة، زوجك يا سلمى هانم من أكبر رجال الأعمال في البلاد، وأنت لا تعملين من أجل أن تقدمي له شيئًا، فقط شهوة جمع أموال كثيرة في رصيدك البنكي هي التي تدفعك لكل هذا العمل لتكديس الأموال دون أن تجدي وقتا حتى للاستمتاع به،
أنت يا نور عيني تذبلين يوما بعد يوم، وتذهب نضارة شبابك من أجل أن تكدسي أموالًا لن يستفيد منها بعد عمر طويل يا حبيتي إلا ورثتك، إنك تلهثين وراء السراب يا عيوني.
- أوووه يا عبير! أنتِ تعلمين أن العمل هو خير وسيلة للمرأة لإثبات ذاتها، نحن نصف المجتمع أيتها الحمقاء، هل تريدين لنصف المجتمع أن يكون عاطلا عن العمل ونترك العمل للرجال؟
- أنا لم أقل لك يوما أن تتركي العمل، ما تفعلينه هذا ليس عملا، إنه إدمان مثل إدمان السجائر والكحول والمخدرات، هو إدمان آخر لجمع المال لا غير، ركزي على عملك كمدرسة في كلية الطب اِنْهي عملك عند الثالثة ثم اتركي باقي الوقت لزوجك وأطفالك، حتى لا يأتي يوم تندمين على أن زوجك هجر البيت معَ أخرى تحمله على كفوف الراحة.
تمت المراجعة والتنسيق من قبل فريق
مجموعة ريمونارف الأدبية.