فتنة المسيح الدجال من أعظم الفتن منذ خلق آدم إلى قيام الساعة
فعن هشام بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين خلقِ آدمَ إلى قيامِ الساعةِ أمرٌ أكبر من الدجال" وفي رواية "أمر أكبر من الدجال" رواه مسلم (2946).
والدجال رجل من بني آدم، خلقه الله تعالى، ليكون محنة واختبارًا للناس في آخر الزمان "يؤذن له في الخروج في آخر الزمان فيكون بدء ظهوره من أصبهان من حارة منها يقال لها اليهودية وينصره من أهلها سبعون ألف يهودي عليهم الأسلحة والتيجان، وكذلك ينصره خلق من أهل خراسان فيظهر أولا في صورة ملك من الملوك الجبابرة ثم يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية ، يأخذ البلاد بلدا بلدا ، ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوما يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف شهر".
صفة الدجال، وقتله المؤمن وإحيائه
عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: «غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف». صحيح مسلم (2937).
عن ابن عمر قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: «إني أنذركموه، وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور». صحيح البخاري (3057)، صحيح مسلم (169).
عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بعث نبي إلا أنذر أمته االأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب "كافر"». رواه البخاري (7131).
وعن عبادة بن الصامت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني قد حذرتكم الدجال حتى قد خشيت أن لا تعقلوا، إن مسيح الدجال قصير أفحج، جعد أعور، ممسوح العين ليس بناتئة ولا جحراء، فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا». صحيح الجامع (2459).
أعظم الناس شهادة
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح - مسالح الدجال - فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج، قال: فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه، قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن، قال: يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فيأمر الدجال به فيشبح، فيقول: خذوه وشجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضربا، قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب، قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم، فيستوي قائما، قال: ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة، قال: ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، قال: فيأخذه الدجال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا، فلا يستطيع إليه سبيلا، قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين». صحيح مسلم (2937)
هل المسيح الدجال موجود وحي؟!
المسيح الدجال حي وموجود الآن، مقيد ومحبوس في أحد جزر البحار في ناحية المشرق، فعن فاطمة بنت قيس أنها سمعت نداء المنادي، منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينادي: الصلاة جامعة، تقول: فخرجت إلى المسجد، فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر، وهو يضحك، فقال: «ليلزم كل إنسان مصلاه»، ثم قال: «أتدرون لم جمعتكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم، لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا، فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره، من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: فانطلقنا سراعا، حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: .... إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة - أو واحدا - منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا، يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن بمخصرته في المنبر: «هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة» - يعني المدينة - «ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟» فقال الناس: نعم، «فإنه أعجبني حديث تميم، أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه، وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشأم، أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق، ما هو» وأومأ بيده إلى المشرق، قالت: فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. صحيح مسلم (2942).
من أين يخرج الدجال؟
يخرج الدجال من إيران من إقليم خراسان، من مدينة أصبهان من حارة اليهودية.
عن أبي بكر الصديق، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان، يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة». صحيح الجامع (3403).
عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا، عليهم الطيالسة». صحيح مسلم (2944).
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أنشر لتعم الفائدة.
للاستزادة:
النهاية في الفتن والملاحم (1/ 173/ 174) باختصار.
شرح النووي على مسلم (18/ 58)