ّ
بمناسبة احتفالات جدع النار بالنيل الأزرق:
الربيع: جدع النار هي طقوس حمد وشكر لله بالخير العميم الذي أنعم به
سيف النصر: اتهام الاحتفالات بالوثنية محاولة مكشوفة لمحاربة تراث الآخر وفرض هيمنة المركز
في احتفال سنوي يقام كل عام في مثل هذه الأيام، يبدأ (جدع النار) وأعياد الحصاد بولاية النيل الأزرق، وقد اكتملت كافة الاستعدادات للمناسبة، وبدأ (شيخ العادة) وهو شيخ المهرجان الذي يشرف عليه من الألف للياء، ويكون غالباً ثابتاً من أسرة محددة هي المسؤولة عن الاحتفالات مع مجموعة من المسؤولين، وتم شراء الذبائح، وقامت اللجان النسائية المكلفة من شيخ العادة بجمع حصص من الأسر من مدخراتهم من المحاصيل لإقامة موائد العشاء، وسط رقص الحسان والشباب على أنغام الدلوكة وموسيقى الوازا
حاورهما: مصطفى نصر
ابتدر الشرح الباحث الربيع الشايب المختص بتراث النيل الأزرق، حيث قال لـ(آخر لحظة) ما يعرف بـ(جدع النار) وأعياد الحصاد هي عبارة عن كرنفالات شعبية تستمر لعشرة أيام، وأحياناً أكثر، تجتمع فيها كل قبائل (الأنقسنا) مثل الهمج، الكدالو، القمز، والبرنو والمابان، والقبائل الأخرى الوافدة للمنطقة مثل (تاما، زغاوة، فور)، كل بموروثاته وعاداته وتقاليده وموسيقاه المحلية التي تعبر عنه في عيد الحصاد، الذي يفتتح بأنغام الوازا والدلوكة والرقصات المحلية، على رأسها رقصات (كشالني) وهي رقصة الرجال، و(أبميم) وهي رقصة النساء، إيذاناً ببداية الموسم ورجم شيطان الجوع.
وقال الربيع إن هذه الرقصات الشعبية لها دلالاتها ومرجعياتها، فهي تعبير عن الشجاعة والإقدام ومجابهة العدو وتخليداً لتضحيات وبطولات المك نايل حمدان الذي واجه العدو الإيطالي عند الحدود مع أثيوبيا، وتصدى له بأسلحة تقليدية، كما وهذا دأب كل أغنيات المهرجان هي أغنيات تمجد البطولة والشجاعة ومكارم الأخلاق.
وذهب إلى أن ليلة (جدع النار) هي الليلة الختامية المشهودة، وعند الساعة الثانية صباحاً تطلق أعواد النيران بعد أن يصطف الرجال في طابور طويل مع انطلاقة صيحات التكبير والتهليل، لكن هذه المرة بمشاركة النساء اللائي تثير زغاريدهن الحماسة في نفوس الرجال، وهي ليلة يسهر فيها الكبار وحتى الأطفال، الذين كانوا يخوفون بأن من ينوم في هذه الليلة نصيبه الكوارث والبلاوى.
من جانبه قال الباحث في تراث النيل الأزرق سيف النصر من الله، في الإجابة عن سؤالنا عن الدعوات التي انطلقت مؤخراً مِنْ مَنْ يصفون عادة جدع النار بأن فيها وثنية، قال هي مجرد ترهات واكاذيب من أعداء تراث الهامش وفرض سيطرة ثقافة الوسط المهيمن على السلطة وهي أكاذيب نحن على وعي بها