الكوشيون هم سكان السودان القدماء منذ حوالي عشرة ألف سنة وهم من الجنس الحامي الأسمر الذي اصله عموما شرق افريقيا والسودان
وهم ينحدرون من سلالة نبي الله نوح له أربعة أبناء (رام غرق بالماء + سام، حام، يافث).
جاء من بعدهم نبي الله إدريس ونزل بثلاثين درسا فلذلك سمى إدريساً، وهو اول مهندس نزل علي الأرض.
ومن بعدهم أخنوخ وتوماي مهد البشرية من بعد نوح.
وجاء الكوشيون وبالطبع جزء من شرق افريقيا ومن ثم فهم اصليون بالسودان لم يأتوا من اي منطقة خارجه فقط هم يشبهون سكان شرق افريقيا الحاليين الإثيوبيين والإريتريين والصوماليين والجيبوتيين وشمال تشاد.
لأن هذه الشعوب هي المكون الأصلي للجنس الحامي الأسمر وهم كذلك -أي الكوشيين- يشبهون الكمتيين (المصريين القدماء) لأن الكمتيين اصلا من الجنس الحامي الأسمر بل هم ذروة سنام الجنس الحامي الأسمر والنخبة منه التي هاجرت من كوش (السودان القديم) الي كمت (مصر القديمة) وأسست فيها اعظم حضارة بالعالم القديم.
[
الكوشيون امتدادهم بالسودان قديما يشمل الرقعة الجغرافية الأصلية للسودان من سنار جنوبا الي اسوان شمالا ومن كردفان غربا الي البحر الأحمر شرقا وهي الرقعة التي يسكنها حاليا مجموعات النوبيين والبجة والمستعربين الذين هم احفاد الكوشيين فقط تجري في عروقهم دماء عربية سمراء، وتشكلت هويتهم الثقافية من مزيج من الثقافة العربسلامية والثقافة الكوشية التي بدورها لا تفترق عن الثقافة العربسلامية كثيرا بل هي من وجهة نظرنا الثقافة الأم للثقافة العربسلامية فالكوشيين القدامي لم يكونوا يختلفون عن العرب القدامي ثقافيا اللهم فروقات قليلة.
الكوشيون هم الجماعة البشرية الأم للكمتيين (المصريين القدماء) فالكمتيين اساسا هاجروا في عصور سحيقة قبل تشكل مصر الحالية التي لم يكن شكلها الحالي كما هو قبل اثني عشر ألف سنة إذ كانت الدلتا والصعيد مغمورتان بمياه البحر الأبيض المتوسط ثم استطاع النيل حوالي الألف الثاني عشر قبل الميلاد وبعد انحسار مياه البحر المتوسط من الصعيد والدلتا نتيجة لتحرك الصفائح التكتونية في منطقة جبل طارق وتضييق الممر الذي كان يمد البحر المتوسط بمياه المحيط الأطلسي من اختراق الهضبة النوبية في اسوان والجريان حتي البحر المتوسط رادما منطقة الصعيد والدلتا بالطمي الخصب فتشكلت مصر الحالية وهاجرت إليها جماعة كوشية نعتبرها نحن النخبة الكوشية التي شكلت الجماعة الكمتية والتي بدورها اسست حضارة كمت العظيمة علي اسس الثقافة الكوشية القديمة.
الكوشيون يعتبرون مؤسسو اول نظام حكم ملكي معروف بأفريقيا هو مملكة تاسيتي بشمال السودان وعاصمتها قسطل بشمال وادي حلفا حاليا حوالي العام 3700 ق.م وهو سابق لعهد الأسرات الكمتي الذي يؤرخ له بحوالي العام 3200 ق.م ولكن بعد ظهور نجم كمت مع مبتدأ عصر الأسرات هذا افل نجم كوش ردحا من الزمن يقدر بحوالي سبعمائة سنة كان فيه الكوشيين عبارة عن مشيخات تتحد وتنفصل مثل واوات وإرجت وساتجو .... الخ حتي استطاعوا تشكيل حضارة كرمة حوالي العام 2500 ق.م وعاصمتها مدينة كرمة بالقرب من الشلال الثالث حاليا وهي النسخة الكوشية الكلاسيكية التي تلت النسخة الكوشية القديمة في تاسيتي وقد استمرت حضارة كرمة حتي العام 1450ق.م كحضارة قريبة في العظمة الحضرية من حضارة كمت بمصر الحالية الي ان استطاع الكمتيين وفي معرض بنائهم لإمبراطوريتهم الثانية ونتيجة للتنافس السياسي بينهم وبين كوشيي (كرمة) استعمار كرمة لمدة ثلاثة قرون ونصف تقريبا وكان استعمارا فريدا من نوعه يشبه الإنتداب وليس احتلالا غاشما، ثم استطاع الكوشيين انهاء هذا الإستعمار الإنتدابي بسبب ضعف الدولة الكمتية ولبثوا مدة قرنين في ترتيب اوضاعهم لتبرز فترة كوش الإمبراطورية حوالي العام 850 ق.م وهي الفترة التي استطاعت فيها كوش بسط سيطرتها علي كامل السودان القديم وكامل كمت (مصر القديمة) وضمت إليها مستعمرات كمت بالشام وبلغت شأوا عظيما من التحضر والتمدن والقوة هو ما اشهرها حاليا كواحدة من اعظم حضارات العالم وإشتهر ملوكها العظام امثال ألآرا وكآشتا وباعنخي وشبكا وشبتاكا وتاهرآقا وتانوتماني والكنداكات {°°أماني توري وأماني ريناس وأماني شختو وشنداخيتي°} .
انهارت حضارة كوش كسلطة حاكمة بالسودان حوالي منتصف القرن الرابع الميلادي نتيجة لعوامل داخلية متعددة مثل ضعف الحكم وهجوم جماعات النوبة الزرق عليها من غرب وجنوب غرب السودان وغزو الأكسوميين ¦الحبش¦ بقيادة ملكهم عيزانا ونتيجة لعوامل خارجية متعددة مثل انهيار صنوها حضارة كمت قبلها تحت ضغط الغزوات القوقازية الهائلة وسيطرة الرومان والأكسوميين (أرض الحبشه) على تجارة البحر الأحمر، فحلت محلها ممالك ثلاث هي نوباتيا ومقرة وعلوة ولم تختلف هذه الممالك عن كوش السابقة بالسودان فيما يتعلق ببسط سيطرتها علي ذات الرقعة السودانية القديمة ونظام الحكم والموروث الثقافي فقط الإختلاف كان في تبنيهم الديانة المسيحية واللغة النوبية بدلا عن الديانة النترية واللغتين الهيروغليفية والمروية بالإضافة للتطور الزمني الطبيعي، وكذلك لم تختلف دولة الفونج التي تلت الممالك هذه حوالي العام 1500م وحكمت السودان القديم الأصلي حتي العام 1820م عن اساسيات كوش وموروث الممالك سوي في الديانة الإسلامية واللغة العربية والتطور الزمني الطبيعي.
تعتبر حضارة كوش ونسبة لإشتراك الكوشيين والكمتيين في الأصل العرقي والديني واللغوي والثقافي الواحد نسخة شبه الأصل من حضارة كمت وإن كانت اقل منها فخامة ولهما مميزاتها الثقافية المحلية بالطبع ومع ذلك تفوقت علي حضارة كمت العظيمة في بسط سيطرتها علي كامل كمت بخلاف بسط كمت سيطرتها علي كوش التي لم تتجاوز حدود الشلال الخامس، وتعتبر حضارة كوش هي الحضارة المؤسسة لدولة السودان القديم والوسيط وما زالت الأسس الكوشية حاضرة في شكل السودان الحديث الحالي من حيث الهوية السودانية بمجملها رغم اعتبار السودان حاليا دولة عربسلامية الهوية فكما قلنا سابقا الهوية العربسلامية لا تختلف عن الهوية الكوشية كثيرا بل هما ابناء عمومة لأن العروبة ذاتها لها اصول كوشية وكمتية من وادي النيل.
عبدالحي ود امي
موثق - الحضارات النوبية - وامتداداتها.
الرئيسية
