قصة قصيرة
يوم حبلت سيسلي من هرقل
بقلم: مصطفى نصر
لا تدري لماذا أصبحت سعاد هانم تعد هذا اليوم الرابع من فبراير 2016 اسوأ يوم في تاريخ البشرية؟
إنه اليوم الذي اكتشفت فيه أن كلبتها سيسلي ذات الحسب والنسب من سلالة أرديل البريطانية، قد حملت من ذلك الكلب الشوارعي المشرد الملئ بالقراد هرقل.
ثارت ثائرة سعاد هانم في ذلك اليوم المشؤوم، وألغت جدول مواعيدها المكتظ، لتأخذ سيسلي للطبيب البيطري على أمل إدخالها على وجه السرعة لغرفة العمليات وإجهاضها من هذا الحمل العار، لكن طبيبها البيطري أقنعها بعد الفحص الدقيق، بأن الحمل قد تقدم إلى شهره السادس، وأن عملية الإجهاض في هذه السن قد تعرض سيسلي للموت، لكنها حاولت أن تقنع الطبيب بأن موتها خير لها من حياتها وهي تحمل في أحشائها هذا الجرو الذي سيصم سلالتها كلها بالخزي والعار، لكن الطبيب رفض الامتثال لرغبتها لخطورة الخطوة.
أخذت سعاد هانم سيسلي إلى المستشفى الجامعي التخصصي الملحق بكلية البيطرة، علَّ كبار الاختصاصيين البيطريين من البروفيسورات بهذه المستشفى الأعلى درجة بطول البلاد وعرضها، يجدون وسيلة مضمونة لإجهاض الكلبة بصورة آمنة تضمن معها سلامة سيسلي، لكن تشخيص كبار الأساتذة البيطريين تطابق مع تشخيص طبيب سيسلي وأجمعوا على خطورة الأمر على حياتها.
طلبت سعاد هانم من كبار
الأخصائيين إرشادها لأي مستشفى في العالم يستطيع القيام بالمهمة على أكمل وجه، وانها مستعدة لبذل الغالي والنفيس لنقل سيسلي على وجه السرعة، فأشاروا عليها بأن أكبر مستشفى تخصصي 5 نجوم تتوافر به كل سبل الرعاية للكلاب موجود بعاصمة استراليا سيدني، وأنهم يقبلون التحدي بنقل تشخيصهم لهذا المستشفى وسماع أقوال القائمين عليه، بعد أسبوع من الزمان جاء التشخيص من المستشفى الأكبر يفيد باستحالة التدخل الآمن.
كانت أسوأ كوابيس سعاد هانم هي أن تخالط كلبتها ذات الحسب والنسب هذه الشاكلة من كلاب الشوارع السلوقية، وخاصة هرقل ذلك الكلب الضال الذي يسبب مشاكل للمجتمع بالحارة بتهجمه على الأطفال، لذلك فقد ظلت دائماً ما ترفع مذكرات لقسم الشرطة بالحارة لتنفيذ حملات لإعدام أو إخصاء مثل هذه الكلاب لإيقاف تكاثرها وهي بالعادة تتجمع في مجموعات لتحافظ على كيانها، ويعزى إليها دائما انتشار داء الكلب.
لم تكن سعاد هانم تتيح لسيسلي أي فرصة للخروج من المنزل بمفردها، حيث كان لها سايس خاص براتب يعادل راتب وزير الدولة، يأخذها مرتين في الأسبوع إلى النزهة تحت مراقبته اللصيقة، كما أن من مهامه أن يأخذها مرة كل شهر للعيادة البيطرية لمراقبة حالتها الصحية، ومراجعة نظافتها وعمل تجميل لها لجعلها في أفضل هيئة.
كانت غلطتها الوحيدة أنها في يوم صيانة المنزل منذ شهور، ترك عمال الصيانة باب الفيلا مفتوحاً، فتسللت منه سيسلي خلسة أثناء تلك الفوضى التي أحدثها العمال وتاهت خارج المنزل لمدة يومين لم تجد لها أي أثر إلا بعد أن طبعت إعلانًا وعدت فيه بمكافأة كبيرة لمن يجدها وقد حدث في أيام تيهها تلك ما حدث من حادث مأساوي جعل أحشاءها تحمل هذا المسخ المشوه ابن الكلب المتشرد هرقل.