قراءة فنية في صناعة النص المسرحي (٦)
المخطط التفصيلي للعمل المسرحي
بقلم: مصطفى
نصر
نعني بالمخطط التفصيلي للعمل المسرحي تقسيم النص المسرحي بين بداية ووسط وخاتمة، وغالبا ما يتم ذلك في اجتماع بين كاتب المسرحية ليكون شاهداً على التغييرات التي قد تطرأ على النص، وفقاً لمعطيات ميزانية المسرحية، او صلاحية المشهد للعرض بديكورات قليلة الكلفة، وكاتب السيناريو والحوار، والمنتج والمخرج وفريق العمل الفني من مهندسي الإضاءة، والديكور والأثاث والملابس والاكسسوارات ومدير الانتاج الموسيقي المصاحب للعرض، ومدير عمال الخشبة الذين يقومون بتغيير محتويات المسرح من ديكورات وأثاث بين كل مشهد ومشهد، وقد يشرك الممثلون في ذلك للادلاء بملاحظاتهم حول المخطط، وهو بذلك عمل جماعي نتاج مشاورات عالية قبل توزيع الادوار.
وتاتي البداية مع الفصل الأول للمسرحية في شكل مقدمة، ففي الفصل الأول يكون عرض بداية الأحداث:فأنت ككاتب للنص المسرحي عليك أن تأخذ وقتك ومساحتك في تقديم الشخصيات وخلفياتها وفي بناء العلاقة العاطفية بين المتفرج والبطل والمواقف التي يتعرض لها. يجب أن يستعرض الفصل الأول المشكلة التي تناقشها الأحداث والتي ستتطور خلال المسرحية، بطرح الأسئلة ثم تبدأ خيوطها في التطور في الفصول التالية.
وبعد البداية ياتي وسط المسرحية ويتكون الوسط من ستة عناصر أساسية هي:
الحبكة
ويشار إليها على أنها البداية الأساسية لكتابة المسرحية، وهي أيضًا البناء الذي يخبرنا كيف تدار الأحداث، ويقسم هذا البناء إلى ستة مراحل وهي:
١- العرض: وهو الذي يزود المشاهد بخلفية من المعلومات التي يحتاجها لفهم بناء القصة.
٢- الصراع: يحدد هذا العنصر حركة المسرحية، وهو البداية التي تنطلق منها الأحداث.
٣- تصاعد الأحداث: يخلق هذا العنصر سلسلة الأحداث التي تهيئ للأزمة، كما أنه يتبع الصراع.
٤-الأزمة: تصنع هذه المرحلة نقطة التحول في الأحداث أو الذروة، وتكون المشاعر في الذروة مكثفةً.
٥- الحل: يكون الحل بعد الأزمة، والذي يؤدي إلى إنهاء المشاكل.
كل هذه العناصر تنمو وتتطور عبر الشخصيات وحوارها وحركتها وصراعها، ويصنّف تحت هذا العنصر كل من الأشخاص أو في بعض الأحيان الحيوانات التي يقوم بتمثيلها الممثلون والممثلات، وتُعد الشخصيات من أهم العناصر التي تتحكم في سير الأحداث، وتصنف إلى ثلاثة أنواع وذلك تبعًا للدور الذي تلعبه الشخصية، وهي: الشخصية الرئيسية أو البطل، وشخصية العدو أو الشرير الذي يحارب البطل، ثم تأتي الشخصيات الثانوية التي تكون موزعةً بين الخير والشر أو البطل والعدو، ومن الممكن أن تكون أدوارهم أساسيةً أو أدوارًا قليلةً.
٦- واخيراً تاني الخلفية: ىيجمع هذا العنصر بين المكان والبيئة والوقت، وتدور حول الظروف التي وقعت فيها القصة، ولإنشاء هذا العنصر إنشاءً جيدًا، يجب الاهتمام بأدوات تصميم الأزياء ومناسبتها للأحداث، وأيضًا الخلفية التصويرية، بالإضافة إلى المؤثرات الصوتية والموسيقى.
وفي نهاية المسرحيّة تأتي الخاتمة أو الحل، وفيها تتم الإجابة عن السّؤال المحوريّ الذي طُرح في البداية، مع التأكيد عليه من خلال الانتهاء منالصّراع الذي نشأ في بداية المسرحيّة وإظهار الشّخصيّات التي تُحقّق هدف السّؤال.
ولعل أهم شخصية في مرحلة التخطيط هو المخرج، وهو صاحب مهام أساسية نذكر منها:
1- توزيع الأدوار:
يقوم المخرج بإختيار الممثلين المناسبين للأدوار المكتوبة، عن طريق معرفته بالأعمال السابقة لهؤلاء الممثلين، أو من خلال إختبار إلقاء بشكل مباشر أمامه، ليكتشف قدرات الممثلين المرشحين، وإن كانوا أكفاء للقيام بهذه الأدوار أم لا.
2- السيطرة على الممثلين:
دائماً ما يكون هناك تنافس بين الممثلين -خاصةً في الأعمال الجماعية- على من سيستطيع لفت نظر الجمهور له أكثر من الأخرين، ليكون بذلك نجم العمل، فنجد أحد الممثلين يقوم بعمل بعض الحركات الجسدية أثناء حديث ممثل آخر، كأن يأخذ خطوة في محيطه، أو يحرك يديه بدون داعٍ، ليجذب إنتباة الجمهور له، وهذه الأفعال بالطبع تؤثر بالسلب على مستوى العمل.
لذلك من الضروري أن يكون المخرج على علم بقواعد علم النفس، وأن يكون متسع الثقافة، حتى يستطيع التحكم في هؤلاء الممثلين، خاصةً إن كانوا أكبر منه في السن أو الخبرة، أو إن كان بينهم نجوم. كما أن عليه الإحتفاظ بسلامة الروح المعنوية لهم داخل الكواليس، مما يساهم بشكل كبير في تحسن أدائهم على خشبة المسرح.
3- المناظر المسرحية:
على المخرج أن يكون ملماً بجميع عناصر المنظر المسرحي (الديكور)، ومدى توافقه مع الأحداث التي ستعرض على خشبة المسرح، وإمكانية إستخدامه بشكل عملي لا يعيق حركة الممثلين، لذلك فلابد أن يكون هناك تعاون بين المخرج ومصمم المناظر.
4- توضيح النص المسرحي:
عندما نقوم بقراءة رواية أو قصة نتمكن من إعادة قراءة الفقرات الغير واضحة، كما يمكننا إعادة مشهد ما من مسلسل أو فيلم، إن كنا نشاهده على الإنترنت، أما المسرح فلا يملك هذه الخاصية، خاصةً وأن معظم المسرحيات لا تسجل، وإن تم تسجيلها فلا يعاد عرضها على المنصات الإلكترونية، لذلك يتوجب على مخرج المسرح أن يقوم بقراءة النص جيداً، ليستطيع توضيح الأجزاء التي يمكن أن تكون غامضة أثناء العرض، فيختصر بعض المشاهد أو يضيف عليها أو يعدلها بالتعاون مع المؤلف.
-/——/-/—///—-
مصادر المقال
- د. عبد اللطيف الصوفي - فن الكتابة للناشئة- دار الفكر دمشق سوريا ٢٠٠٧
- شاكيتي غاوين- التصور الإبداعي- ترجمة اسامة بديع- دار الفكر - دمشق- سوريا - ٢٠١٠
- أمين سلامة- دليل الإخراج المسرحي - العربي للنشر والتوزيع - ١٩٨٧
- د. حسن ظهيري- مفهوم المسرح - دار الصياد المغرب ٢٠١٩
- أ.د. فضيل شناوة - أساليب أداء الممثل المسرحي- ط دار الرضوان القاهرة- بدون تاريخ
- علي أحمد باكثير- فن المسرحية حسب تجاربي الشخصية-ط مكتبة مصر يناير ١٩٨٤م ا)