مدارس الأدب العربي في العصر الحديث (٢)
#مدرسة_الديوان
بقلم: مصطفى نصر
مدرسة الديوان هي حركة تجديدية في الشعر العربي ظهرت في الربع الأول من القرن العشرين على يد عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري.
تألفت جماعة الديوان من ثلاثة شبان مصريين، نشأوا عند مطلع القرن العشرين غاضبين عاكفين على الذات، وعُرفوا في البدء بأصحاب "المدرسة الانكليزية"، ولكنهم اشتهروا باسم (جماعة الديوان) ارتباطاً بكتاب (الديوان) الذي أصدره (العقاد) و(المازني) في العام 1923.
أحدث هذا الكتاب الصغير ضجة كبيرة في الجو الأدبي والشعري في مصر والعالم العربي ، وكان له تأثيره على شوقي والمنفلوطي، وغير من نظرية عمود الشعر ...
تهدف المدرسة إلى هدم أطر الكلاسيكية القائمة على تقديس التراث القديم، وتدعو للتعبير عن الذات في موقع وسط بين التراث ونظريات الأدب الحديثة، أهم مبادئها الهروب من عالم الواقع إلى عالم الأحلام، الفرار إلى الطبيعة ليبثوا لها آمالهم الضائعة، والتأمل في الكون والتعمق في أسرار الوجود، والتمرد على الأساليب القديمة المتبعة في الشعر في الشكل والمضمون واللغة.
وجهوا سهامهم أكثر نحو شعر شوقي ونثر المنفلوطي، بل إن كتاب االديوان ركز بشدة عليهما، كنموذج للتمسك بالقديم، وقد أحدثت هذه المدرسة ضحة كبيرة في الوطن العربي فانضم لها من تونس أبو القاسم الشابي ومن اليمن البردوني ومن العراق الجواهري ومن السودان محمد سعيد العباسي وغيرهم، وأصبحت ذات تأثير كبير في الأدب والشعر.
وأخذت على الكلاسيكية من رواد مدرسة الإحياء:
- استلهام النماذج البيانية القديمة مثلاً أعلى لهم في شعرهم، وطغيان الجانب البياني على المضمون والفكرة.
- لم يرتضوا منهم اهتمامهم الزائد بشعر المناسبات والمحافل، والبعد عن تصوير الخلجات النفسية الإنسانية وإن كتب العقاد في المدح معللاً بأن المدح الصادق ليس عيباً.
- لم يوافقوهم في الاهتمام بقشور الأشياء وظواهرها.
- هاجموهم لعدم وضوح شخصياتهم الشعرية وضوحاً تاماً في شعرهم، وبخاصة في معارضاتهم الشعر القديم.
- عابوا عدم مراعاة الوحدة الفنية في شعرهم، وانتقالهم من غرض إلى غرض أخر في القصيدة.
- غابوا عليهم شعر المناسبات.
ركزت على الخصائص الفنية التالية:
- جمعوا بين الثقافة العربية والثقافة الإنجليزية.
- يتطلع شبابهم في طموح إلى الآفاق ويستهدفون المثل العليا، وتفوق طموحاتهم وتتجاوز آمالهم واقع عصرهم.
- القصيدة عندهم كائن حي لكل جزء فيه وظيفته ومكانته، كما هو الحال في عضو الجسم، فالقصيدة بناء حي لا تتعدد أغراضه ولا تتنافر أجزاؤه تحت عنوان يضمها في وحدة (فنية) عضوية.
- وضوح الجانب الفكري في شعرهم، مما جعل الذهنية تكثر في شعرهم، والعقلانية تطغى على عاطفتهم يقول المازني:
لبست رداء الدهر عشرين حجة ... وثنتين يا شوقي الى خلع ذا البرد
عزوفا عن الدنيا ومن لم يجد لها .... مراداً لآمال تعال بالزهد
- يتأملون في الكون ويتعمقون في أسرار الوجود.
- الصدق في التعبير والبعد عن المبالغات.
- ظهور مسحة الحزن والألم والتشاؤم واليأس في شعرهم.
- تخلصوا من تأثير الآداب القديمة، فلم يستعيروا المادة الأدبحركة اة القديمة، واستخدموا لغة العصر.
- البعد عن المناسبات والموضوعات السياسية والاجتماعية.
- اهتموا بتعميق الظواهر على جوهرها، مما جعل الفكر يسبق الشعور عندهم.
- تعميق فكرة الاهتمام بوضع عنوان للقصيدة، استمراراً لمحاولات بعض شعراء الاتجاه السابق لكنهم تجاوزوها الى وضع عنوان للديوان كله ليدل على الإطار العام للديوان كما تجد في عابر سبيل وكان سابقوهم يذكرون ديوان البارودي وديوان شوقي وديوان حافظ،
وبعد لابد من الإشارة في ختام هذا المقال إلى أن كتاب الديوان قد أثرى حركة تطور النقد الأدبي بلغته الجديدة ومضمونه المتعالي على النثر التقليدي، المستهزئ به وبدعاة المحاكاة باب النقد الحديث والمعاصر؛ ولا تزال الديوان في عرف نقدنا المعاصر أول حركة حداثية ثورية إيجابية على نظام القصيدة العربية القديم، بل أسهمت إلى جانب المدارس الرومنسية الأخرى في رسم الفلسفة النهائية للشعر .
------------------
مراجع المقال:
١/ عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني - كتاب الديوان في الأدب والنقد - طبعة مطبعة فريدة - القاهرة - ١٩٢٣م
٢/ عبد العزيز الدسوقي - أثر مدرسة الديوان في الشعر العربي - طبعة مطبعة الشباب - القاهرة - ١٩٧٦م
٣/ عبد الرحمن شكري- ديوان شكري - طبعة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب - القاهرة- 2010
٤/ ابراهيم عبد القادر المازني - ديوان المازني - طبعة مؤسسة هنداوي للطباعة والنشر PDF ٢٠١٠
٥/ عباس محمود العقاد - ديوان العقاد - طبعة مطبعة المعاهد - القاهرة ١٩٢٠م
٦/ آية أحمد زقزوق - حول مدرسة الديوان موقع المرسال على الانترنيت - 2020م