قراءة نقدية في أسرار كتابة النص المسرحي (3)
فنون المسرح
بقلم: مصطفى نصر
للمسرح فنون متعددة أهمها المسرح الحواري التقليدي المعروف، وهو قد نشأ في الوطن العربي حسب د. محمد مندور (١)
بفضل رواد المسرح في كل من سوريا ولبنان الذين أسهموا في وضع اللبنات الأولى للمسرح العربي، لكن هذا الفن تطور وانتعش في مصر، يعزى ذلك إلى شبه الاستقلال الذي تمتعت به مصر، في تلك الحقبة الزمنية، وبعدها الجغرافي عن مركز الخلافة العثمانية. فقد قام الخديوي اسماعيل ببناء دار للأوبرا (1869)، بينما تعرضت بلاد الشام، في تلك الفترة، لحركة قمع فكرية عثمانية تركية، مما حدا بكثير من الفنانين والشعراء إلى النزوح من بلاد الشام لمصر ،يؤكد الباحث محمد مندور على أهمية ما قام به أهل الشام، مشيرا إلى انتقال أهم تلك الفرق من هناك والإقامة في مصر، كما ذكرنا أعلاه، ويضيف أنه كان لهؤلاء السوريين، بنوع خاص، فضل في ظهور رائد فن الأوبرا والأوبريت المصري الشيخ سلامة حجازي (1852-1917) الذي أخذ هذا الفن عن القباني قبل أن يستقل ويكون فرقته الخاصة التي عملت من سنة 1905-1914. لم يقتصر دور السوريين على دورهم الريادي في إنشاء الفرق والمسارح بل ساهموا مساهمة كبرى في ترجمة وتعريب وتحضير الكثير من المسرحيات الغربية قبل وأثناء وبعد مساهمة المصريين في تلك الحركة. إن ظهور هذه الفرق الشامية في سنوات السبعين على أرض مصر مثلت نهاية مرحلة وبداية لمرحلة جديدة، فقد أصبح المسرح تجاريا واكثر تنظيما عما كان عليه من قبل.
والمسرحيات أنواع متعددة منها التراجيديا: سميت عند الغربيين في بدايات ظهور المسرح بـ"المأساة" وهي تصوير للصراع بين البشر، يُحدث الإثارة في نفس المشاهد، والإثارة ترتبط بالرعب أوالشفقة، والمأساة يكون طابعها الجدية والمواقف الصعبة، وهذه المواقف تأتي اللغة السامية لخدمتها، فلا يستطيع إلا الممثلون الأقوياء تأديتها، فالمشاهد والمواقف العظيمة بحاجة لممثلين عظماء.
ومنها الكوميديا وسميت عند الغربيين (الملهاة) الفكاهة والسخرية يغلبان على المسرحية الكوميدية، فمن خلال تصوير الطبائع البشرية في تناقضها وتصادمها ينجم مواقف هزلية وساخرة في آن واحد، ويغلب على نهاية هذا النوع من المسرحيات النهايات السعيدة، ويُعد في كثير من الدراسات الملهاة والمأساة أساسًا لكل الأنواع، فكل الأنواع منبثقة عن المأساة والملهاة حسب تلك الدراسات، ويجب ألا يفهم من عبارة (الملهاة) أنها لمجرد اللهو والتسلية بل تناقش مشاكل حقيقية لكن في قالب مضحك.
وهنالك الميلودراما وهي مسرحية موسيقية، تقوم على محتويات نمطية ومشاعر مبالغ فيها وصراعات شخصية. يحتوي الميلودراما على مؤامرة مثيرة ومثيرة مع العديد من التحولات والانعطافات والتشويق. الشخصيات مثيرة للغاية ومبالغ فيها ، وغالبًا ما تظهر كقوالب نمطية ، وتضم أبطالًا يعانون منذ فترة طويلة ، وخاصة الإناث الذين يحاولون عبثا التغلب على المواقف المستحيلة.
وتوجد بجانب هذه اللونيات الأساسية والغالية لونيات أخرى مثل الأوبرا وهي شكل من أشكال المسرح وهي مؤلّف درامي غنائي متكامل يعتمد على الموسيقى والغناء، حيث تعرض الدراما كليًا أو بشكل رئيسي بالموسيقى والغناء، وقد أنشئت أول دار أوبرا في إيطاليا عام 1600، لكن الأوبرا يقوم العرض فيها على الموسيقى، وفي أي أداء أوبرالي، تُعرض عدة عناصر من عناصر المسرح الكلامي مثل التمثيل، المشاهد والأزياء، والرقص في بعض الأحيان، وعادة ما تكون عروض الأوبرا في دار الأوبرا وليس في المسارح العادية، مصحوبةً بأوركسترا أو فرقة موسيقية، تشتمل أغانيها على الفرديات والثنائيات والثلاثيات والإلقاء المنغم والغناء الجماعي (الكورال) بمصاحبة الأوركسترا الكاملة
ويوجد ايضا البالية وهو نوع من الرقص يقوم على تقنيات الرقص التعبيري ترافقه الموسيقى والإيماء والمشاهد المسرحية. ومن أهم خصائص الباليه الحركية، الرقص على رؤوس أصابع القدمين.
ومنها المونولوج أو حديث النفس أو النّجوى هو حوار يوجد في الروايات، ويكون قائما ما بين الشخصية وذاتها أي ضميرها. بمعنى آخر هو الحوار مع النفس. نقول المونولوج هذا المصطلح الذي يطلق على نوع من المسرح ومصدر الكلمة يوناني مونو يعني أحادي ولوجوس تعني خطاب. نعني به شخصا وحيدا يقف على خشبة المسرح ويقدم قطعة صغيرة.
ومنها مسرح الطفل بكل تفصيلاته من خيال الظل وصندوق الدنيا والأراجوز والحكواتي، وتقيم الدول عادة إدارات متخصصة لمسرح الطفل للدور الكبير الذي يمكن ان يطلع به المسرح في تثقيف الناشئة، طفولة سواء قام بها الكبار أم الصغار، ما دام هو موجه للطفل، كما يُعد من أهم الوسائط الثقافية في تربيته، لما يتضمنه من معان وقيم وأنماط جمالية، تعمل كلها على بلورة شخصيته، وتفتق جوانبها الذهنية والجسدية والعاطفية. نشأ مسرح الطفل قديما، ويعود إلى أصول فرعونية من خلال ما يعرف بمسرح الدمى، كما كان معروفا في العالم القديم، وقد تحدث عنه "أرسطو" ومن بعده" هوراس" ،إلا أن الانطلاقة الحقيقية تعود للقرن التاسع عشر ومع محاولات "أندرسن" أما أنواع مسرح الطفل فيمكن إيجازها فيما يلي: ثمة أنواع لمسرح الطفل منها الشعري والنثري ومسرح الدمى، فمن حيث الشكل هناك 1- المسرح البشري2- مسرح العرائس . فينقسم مسرح الطفل إلى عدة أنواع: المسرحية التاريخية التعليمية- الأخلاقية- الاجتماعية- الدينية. (٢)
———————————
(١) محمد مندور - تاريخ المسرح المعاصر - ص ١٦ طبعة دار المعارف بمصر ١٩٠٠ما
مصطفى نصر - مسرح الطفل المفهوم الانواع والخصائص- مجلة الاذاعة والتلفزيون السودان العدد ٣٦ ص ١٤ وما بعدها