تخرجت سريعاً في المدرسة الابتدائية نمرة خمسة الشهيرة بمدرسة جبور، بالحلة الجديدة لننتقل الى مرحلة جديدة في اولى سنوات بلوغنا سن المراهقة، وتوديع الطفولة الى مرحلة الشباب، هي مدرسةًالخدمات الاجتماعية الثانوية العامة - الاسم الذي يطلق على المرحلة (المتوسطة) آنذاك.- بقيادة الربان الماهر مديرها عليه رحمة الله الأستاذ الفاضل محمد حاج الطيب، وكوكبة نيرة من المع المعلمين الشباب حينها تم انتقاؤهم من خيرة معلمي المدينة للالتحاق بإدارة الخدمات الاجتماعية التابعة لهيئة السكة حديد والنقل النهري، منهم الأساتذة الاجلاء: ابراهيم أحمد- علي قرندة - الخير مسعود- مولانا مصطفى- عباس الضيف - حلفاوي- أحمد أرباب - وعيسى الحلو.. عشت فيها أياماً جميلة جداً مع أبناء العاملين بالسكة الحديد، كماسرة وسواقين ومحولجية وعطشقية وعمال دريسة.. فضلا عن أبناء الموظفين الأعلى درجة..بالإضافة إلى عمال وموظفي النقل النهري الذي كان ينشط برحلاته الراتبة لملكال وجوبا يربط بين شمال الوطن وجنوبه.. يدرسون جنباً إلى جنب، دون أي تفرقة ولا ميزة تفضيلية بين ابن العامل البسيط وكبار الموظفين في الادارة العليا للهيئة، حيث أن الجميع أعضاء في صندوق الخدمات الاجتماعية باستقطاع موحد قدره ٢٠ قرشًا، يسهم في إقامة المدارس والمستشفيات لأبناء العاملين بالسكة حديد والنقل النهري، فضلا عن تكفل صندوق الخدمات الاجتماعيةً بالدعم المالي في أفراح وأتراح العاملين، ويساعدهم ايضا في سماية كل طفل يولد، وهي مدرسة بناها هذا الصندوق ولم تتح لي فرصة القبول بها إلا لآن والدي يرحمه الله كان موظفا بالنقل النهري، ولان اخي عثمان كان يعمل بالسكة حديد حتى وصل لوظيفة سواق سفري، وهي مبنى عظيم على هيئة مباني السكة الحديد التقليدية، مكونة من قسمين طلاب وطالبات يفرق بينهما حائط بين المدرستين، كثيرا ما كان سببًا لعقوبات رادعة لطلاب يحاولون التطاول لا ستراق النظر للقسم الاخر، الذي كان تجاوز حوائطه بالنظر من المحرمات، كما كان آخرون يعاقبون صباحا في الطابور لوصول بلاغات تتهمهم بالوقوف أمام بوابات مدرسة البنات بعد انتهاء اليوم الدراسي، وكانت من مزايا مدارس الخدمات الاجتماعية ان طلابها يعيشون كل يوم تجربة التعايش السلمي بين مختلف القبائل والأعراق والاثنيات من مختلف انحاء السودان، فهم يمثلون سوداناً صغيراً. مكونا من. طلاب من سنار والنيل الأبيض، بجانب طلاب من المجلد وآخرين من بابنوسة وآخرين من عطبرة أو من نيالا وواو وأويل، على امتداد خطوط السكة حديد، تماماً كما كان يجمع القطار في ذلك الزمان شتى صنوف البشر، وكان حظ أبناء وبنات مدينة كوستي حينها الدراسة بالقسم الخارجي، بينما يخصص القسم الداخلي للطلاب الوافدين من مناطق بعيدة.. سوى اننا نحظى بوجبة افطار مجانيةً في الداخلبية.
وقد جمعتنا أيام الدراسة بفاستينو سبت دينق والدرديري محمد عثمان وعبد الرؤوف نوري وسعد ميتة وعبدالله عثمان إدريس وحران وعجب وماهر تاج السر وكمال الزبير وغيرهم وغيرهم من الأسماء التي لاحصر لها من مختلف الأعراق والسحنات السودانية،
ثم توجهت بعدها إلى مرحلة أعلى هي مدرسة كوستي الثانوية العليا بنين، حسب تسمية ذلك الزمان، التي اشتهرت باسم (القوز)، نسبة لقوز أبي شريف في الشمال الغربي من مدينة كوستي، فهي مدرسة عظيمة الشأن.. تأسست في أيام المدارس الأولى.. في العام 1960.. وكانت من ضمن مدارس ثانوية تعد على أصابع اليدين الاثنين في السودان كله، كان الانضمام إليها قبل أيامنا في الدفعات السابقة شرفاً لا يدانيه شرف.. عندما كان عدد طلاب الثانوية العليا في الحلة الجديدة كلها لا يتجاوز العشرة طلاب.. اما في أيامنا كان لها بريقها أيضاً لكنه ليس بهذا الوهج للدفعات الأولى أيام كان طالب الثانوي نجماً في المجتمع يمكنه أن يكتفي بهذه الدراسة ليجد الأبواب مشرعة أمامه للعمل في درجات الوظائف الوسطى للموظفين.. وربما يتدرج ليصبح وزيرا، بعد وقت وجيز، وعندها التحقت
نواصل