إضاءة الأحد 29 سبتمبر طه النعمان
إلى (ق. ح. ت) .. صح يا نايم
* السادة المحترمون القائمون على أمر قيادة (قوى الحرية والتغيير) المضطلعة بتدبير شؤون ثورة ديسمبر المجيدة.. أكتب لكم بمناسبة اعتذار الصديق الفاضل مولانا تاج السر الحبر - المرجع الحقوقي الرفيع - عن ترشيحكم له نائباً عاماً لجمهورية السودان .. و اعتذاره اللطيف الذي طالعته موثقاً في إحدى الصحف الإلكترونية.. و كنت أعلم حقيقته مسبقاً بحكم قربي الدائم من الرجل، وحوارنا المستمر في الشأن العام والقانوني منه بوجه خاص .. والرجل كما تعلمون لا يبحث عن منصب أو وظيفة .. وربما كان قد يرضى بالمنصب من أجل خدمة وطنه وشعبه .. لو كان هناك بصيص أمل في إنجاز هذه الخدمة على الوجه المطلوب لشفاء صدور قوم مؤمنين، هم أبناء وطنه الطيبون.. ولكنه - من أسف - وهو الخبير البصير وجد ألا سبيل في الأوضاع القائمة، بفعل النتائج المخيبة للآمال التي انتهى إليها التفاوض مع (المكون العسكري) أي مساحة مفتوحة أو أي فرصة متاحة لنائب عام أو رئيس قضاء لفعل شيء ذي بال يغير الواقع الذي خلفه النظام الساقط.
* عودوا إلى الأسباب التي صاغها مولانا السر، واقرأوها بإمعان وتأملوا في (المشكلات و العقبات القانونية العويصة) التي خلفها تفاوضكم (السياسي) مع من كانوا على الجانب الآخر من الطاولة.. وكيف استطاعوا - بطريقة أو أخرى- أن يقودونكم إلى القبول بوثيقة دستورية يشوبها الغموض في نصوصها المتعلقة بكيفية (إصلاح المنظومة العدلية) ومنها طريقة تعيين رئيس القضاء والنائب العام ومجلسا القضاء الأعلى والنيابة العامة.. وأخطر من ذلك (اكتشاف) الناس آخر اليوم أن هناك (وثيقتين دستوريتين) واحدة تم توقيعها في ذلك الحفل المشهود و أخرى (يجري تداولها سراً أو علناً لا أدري).. لكهما تختلفان في الطريقة التي يتم بها ذلك التعيين.
هل هو شأن يخص مجلس السيادة أم مجلسي القضاء و النيابة العامة بعد تشكيلهما.. إلى آخر ما أورده مولانا تاج السر من تساؤلات و(فوازير) حول صلاحيات هذا التعيين .. بالإضافة لما أوضحه مولانا من العطب والاختلالات التي تتسم بها القوانين العاملة، والتي جرى تفصيل معظمها بأيدي (ترزية) النظام المخلوع لتناسب قياسات مشروعه وتخدم أغراضه.. وبالتالي لن يستطيع أي نائب عام أو أي رئيس قضاء إعادة هيكلة المنظومة العدلية القائمة، لتتسق مع أهداف الثورة والتغيير، لأن أي خطوة من هذا القبيل سيتم الطعن عليها (إدارياً) وفق هذه القوانين المعتمدة، وإحباطها في مهدها.. لينطبق عليهما قول الشاعر القديم: ألقاني في اليم مكتوفاً وقال لي إياك إياك أن تبتل بالماء.
* السؤال الذي يجب أن يجيب عليه السادة المسؤلون في قوى الحرية والتغير ومعهم رئيس الوزراء المحترم عبد الله حمدوك وحكومته وأعضاء مجلس السيادة (المدنيون خاصة) ماذا أنتم فاعلون للخروج من (دوامة المنظومة العدلية هذه).. فالوقت يمضي وكل يوم يضيع سيكون خصماً على أجندة الثورة وأهدافها.. وسيصب في مصلحة الدولة العميقة ومخططاتها، وأبرزها الإفلات من الحساب والعقاب، استعداداً لالتقاط الأنفاس وخوض (معركة الردة) .. فقط تفرجوا على ما يجرى الآن في مصر الشقيقة القريبة، لعلكم تصحون وتتعظون.. أم هل نحن في حاجة لاستدعاء نباه رمضان ليقرع طبله قرب آذانكم : (أصح يا نايم و وحد الدايم)..؟