قصة قصيرة جدا
أنا لست جميلة
بقلم: مصطفى نصر
وقفت زينب أمام المرآة وتمعّنت في وجهها الذي تكرهه كثيرًا.. لاتصدّق الكم الهائل من القبح الذي يتجلى أمامها.. إلهي كم تكره هذه الأعين المبطّنة التي تمتلكها، والأنف المعقوف الذي يثقلها، كم تكره هذا الشعر الأجعد الطويل والغزير وهذه البشرة الجرداء، تمنت لو كان بإمكانها أن تذهب لأقرب سوق وتشتري (نيو لوك) لقد ملت من هذا الوجه القبيح الذي ظل يلازمها ٢٥ عاما.
تتمنى زينب كل يوم لو أنها تستيقظ من نومها يوما ما فتجد نفسها بغير هذه التضاريس التي تكرهها، اشتكت لأمها من هذه المشكلة التي تؤرقها، وألقت باللوم على فقرهم، حدثتها عن أنها لو كانت من عائلة ميسورة الحال لأجرت ٥ عمليات تجميل على الأقل لإزالة هذا القبح، كانت أمها تحدثها عن أن وجهها من أهم وأجمل الوجوه التي تحبها، وأنها تراها ملكة جمال الكون كله، لكن زينب ما كانت ترى في هذا الحديث سوى إنشاء كلامي مدهون بماء الكذب.
توقفت زينب ذات يوم عن النظر للمرآة حتى لا تُصدم بهذه الخلقة الكالحة، وهذا الوجه الدميم الذي تغطيه البثور، وقررت في ذلك اليوم أن ترتدي النقاب لتريح العالم من هذا الوجه القبيح، وليس لأغراض وموجبات دينية، ولم تدرِ زينب أن الجمال الحقيقي هو الجمال الداخلي جمال الروح والخلق الذي يزيد الانسان جمالًا فوق جماله، وأن الجمال الخارجي ربما يمحوه مر السنين، وربما يتبدد مع مرور الزمن.
أصبحت زينب أكثر تقوقعاً وزهداً في الاتصال بالعالم الخارجي، الى حد أن فزعت أمها لبعض صديقاتها المقربات وناقشت معهن ما تعانيه ابنتها، وناشدتهن بأن يبذلن جهداً في إخراجها من هذه الحالة، بدأت صديقاتها في بث الثقة في نفسها ومحاولة إخراجها من إحساسها السيء لكن دون جدوى، الى ان جاء ذاك اليوم الغريب ليقع في حبها شاب وسيم رغم ما يقال عنها من إنها ليست جميلة، ولكنها أصبحت دون غيرها من آلاف النساء الأكثر منها جمالاً، جميلة قلبه ومراد حبه المتوج على عرش الجمال، فأدركت تماما ان الحب يحطم كل المقاييس فهو عندما يأتي لا يأبه لمعايير الجمال ولا اللون ولا العرق ولا قواعد وقوانين الجنسية والهجرة، لانه ببساطة لا يحمل جواز سفر