يا د. غازي صلاح الدين.. أرجو أن تحترم درجتك العلمية و تخصصك المهني و تجربتك السياسية الممتدة، لا تتصرف كناشطي السياسة المستجدين و طلاب أركان النقاش.. وندعوك، و انت أحد المصنفين ، ولو من قبيل الظن الحسن، ضمن عقلاء الإسلامويين الذين سار عليهم، سودانياً، وصف (الكيزان) اعتماداً على مقولة شيخكم المؤسس حسن البنا بأن "الدين بحرٌ و نحن كيزانه"، ندعوك تأخذ في الاعتبار أن اهم ما ميز ثورة ديسمبر:
1- إنها ثورة سلمية (100 في المائة) لم تعتدِ على نفس أو منشأة عامة أو خاصة.. ولا تشبه "انقلابكم الدموي" على الديمقراطية التي - يا للعجب - فاجأتم السودانيين، بعد خلعكم، بأنكم من حماتها و من حراس الحريات و حقوق الإنسان.. إقلاب "إنقاذ كم" الذي طاح في الناس قتلاً و اعتقالاً إدارياً و تشريداً وإقصاءاً في جهات السودان الأربعة
2 - إن شعار" كل كوز ندوسو دوس" الذي أطلقه الشباب أثناء الثورة هو "شعار سياسي" حماسي بالدرجة الأولى يهدف إلى عزل الكيزان و محاسبتهم "بالقانون" وليس ب" الشرعية الثورية" التي عرفها العالم في بلدان كثيرة - أنت أعلم بها كقارئ نهم للتاريخ - حيث كانت تشكل فيها المحاكم الثورية و تصدر احكامها خلال ساعات و يعلق أعداء الثورة على أعواد المشانق وتصلب اجسادهم في الشوارع ردعاً لكل من يحاول مقاومة الثورة أو خيانتها، بينما كان ثوار ديسمبر-ولابد انك قد سمعت وتعرف- يحمون عناصر الكيزان الشبابية التي تحاول اقتحام المظاهرات وتتحداها حتى من
شباب الثورة المتحمسين الذين فهموا شعار "ندوسو دوس" خطأ - كما فهمته أنت - بمعنى التصدي لهم مادياَ ويمنعونهم من الإشباك اليدوي معهم و ينبهوهم بهتاف "سلمية سلمية" فيطيعهم رفاقهم المتحمسون و يكفون عن الاشتباك مع عناصر الكيزان المكنسة و المتفلتة.
3 - "إلحاق الأذى بالكيزان" الذى تتحدث عنه و تتفلسف و تدور حوله، لتصوير "مظلومية" دائماً تدعونها لتنفيذ أجندكم ومخططاتكم العدوانية، هو إدعاء كذوب، لا وجود له من واقع التعامل مع عناصر جماعتكم.. الذين انقسموا بين محبوسين على ذمة الاتهامات الموثقة "انقلاباً أو نهباً لمال الشعب و أرضه"، و يعاملون وفق حكم القانون الانسانى الدولي الذي يحفظ للمتهم حقوقه كاملة من حيث ظروف الاحتجاز و الرعاية الصحية و الزيارات الأسرية، وآخرين تمكنوا من الهرب بفعل مساعدة عناصركم المبثوثين في "الدولة العميقة" التي خلفتموها ولم يتم تطهير المؤسسات منها بعد ، بما فيهم شخصك الذي تيسر له أن يجتمع برئيس الوزراء قبل أن تغادر البلاد خفية بغرض "الإفلات من العقاب" و مواجهة حكم القانون كقيادي فاعل في الانقلاب و كمسؤول رفيع في النظام المخلوع، بينما كان نظامكم يسوم الناس سوء العذاب في "بيوت الأشباح" بلا سبب غير تصنيفهم بالظن كمعارضين محملين و يمارس القتل خارج نطاق القانون بلا رحمة.. (شهداء رمضان و كجبار و بورتسودان و سبتمبر و دار فور و لاحقاً شهداء عطبرة و خشم القربة و فض الاعتصام) بعض نماذج لأفعال زنودكم الملطخة بالدماء.
هذا باختصار بعض حرثكم وحصادكم الذي يصعب حصره و توصيف بشاعته، و ها أنت تطلق اليوم بالمظلومية "كأي منكر آثم للواقع" و تتأفف رياءاً وكذباً عمّا أسميته "إلحاق الأذى بالكيزان".. ربنا يؤذيكم دنيا و آخرة جزاءً وفاقاً بما كسبت أيديكم.
الرئيسية
