ومضة
بقلم مصطفى نصر
أيام في الأزهر (17)
من الأحدات التي ما زالت غضة طرية في ذاكرتي عن أيام الأزهر معركتين كبيرتين هما معركة دار الاتحاد بمنشية البكري ومعركة (ذات الأكياس) أمام السفارة السودانية بقاردن سيتي .. حيث تتلخص أحداث معركة دار الاتحاد بمنشية البكري سنة 1987.. في أننا اجتمعنا مع الإخوة (الكيزان) في معركة حامية الوطيس حول انتخابات اتحاد الطلاب السودانيين في مصر.. وقد كنا يقظين لآخر مدى حتى لا يتم استغفالنا في هذه المعركة .. وبالفعل نقحنا كشوفات الطلاب منذ المرحلة الأولى ..وتحرينا في كل الأسماء المسجلة في كشوفات الناخبين .. وطعنا في بعض الاسماء الوهمية لطلاب تخرجوا وغادروا مصر ولم نترك لهم ثغرة ينفذون من خلالها.. وقد أخترنا 5 مناديب لنا مع صندوق الاقتراع.. للتأكد من أن الانتخابات بدأت والصندوق خال تماما من الأوراق .. مرورا بالتأكد من هوية كل طالب مقترع أما من خلال بطاقته الجامعية أو جواز سفره أو بطاقة وادي النيل .. وقد سددنا عليهم كل المنافذ في هذا الشأن.. واشترينا لهم حبر الاقتراع من جيوبنا الخاصة.. عندما تحججوا بأن ميزانية الاتحاد لا تسمح بشرائه.. كما أن مراقبتنا للصناديق من 8 ص إلى 9م كانت لصيقة.. لم نغفل عن رقابتها طرفة عين.. فحتى عندما نذهب للأكل أو الصلاة كنا نترك مراقبين على الأقل مع الصناديق.. لكن أمرا واحدا غفلنا عنه وأخذنا من جهته .. وهو المطالبة بأن نشرف معهم على طباعة ورقة الاقتراع .. إذ جئنا صبيحة يوم الاقتراع فوجدنا أنهم وضعوا قائمتهم في الصفحة الأولى وهي عبارة عن 17 اسما هو إجمالي المكتب التنفيذي.. ثم في الورقة الثانية وضعوا قائمتنا وتحتها شخص واحد مستقل .. هو الزميل هاشم مداوي وهو الآن سفير بالخارجية بعد فترة عمل بالصحافة .. وضعوا اسمه خصيصا بغرض اتلاف أكبر عدد من أصواتنا .. إذ أن الحد الأقصى المسموح به للشخص هو 17 اسما .. فلو لم ينتبه أي شخص من الموالين لنا بتصحيح هذا الشخص المستقل فأصبح العدد الكلي 18اسما تصبح الورقة لاغية .. خاصة وأنه لا يوجد فاصلا بين قائمتنا وهذا الشخص المستقل.. وبالفعل أننا رغم الجهد الكبير الذي بذلناه في تذكير جمهورنا بهذه المكيدة .. خسرنا 150 صوتا بحجة تلف الورقة لاحتوائها على 18 صوتا.. وهم فازوا علينا بفارق 87 صوتا.. فلولا هذه المكيدة الشيطانية لفزنا عليهم بارتياح..
* حتى الآن لم تبدأ المشكلة.. بدأت المشكلة عندما هممنا بمغادرة دار الاتحاد إلى منازلنا بعد إعلان النتيجة فيما بعد منتصف الليل ومغادرة مناصرينا باحباط شديد لم يبق منا سوى 5 مندوبين وما لايزيد عن 11 من الطلاب والطالبات من مناصرينا .. هنا سمعنا نداء بالمايكرفون لكتبة القعقاع المكونة من 40 مقاتلا جاءوا مسلحين بالعصي والسيخ.. يمشون مشية عسكرية فأغلقوا علينا الجهة الغربية .. ثم نداء لكتيبة خالد بن الوليد المكونة أيضا من أربعين جاءو ا بنفس الطريقة فاغلقوا علينا الجهة الشرقية تم توالت الكتائب 7 رجالية والثامنة كتيبة نسيبة النسائية تمركزن في الخيمة .. أما من حيث العدة فهم مسلحون مع الكثرة بالعصي والسيخ.. ونحن عزل ليس أمامنا سوى الاعتماد على الحجارة في الشارع وهي نادرا ماتوجد في شوارع القاهرة التي تغسل بالماء والصابون.. فاتخذنا القرار السليم بالمغادرة لمنازلنا لعدم التكافوء.
* لكن من معنا من بنات الجبهة الديمقراطية بنات زي النار .. لا يعرفن الخوف .. قررن أمرا آخر .. وهو أن نذهب نخن فيتصدين هن للمعركة.. حاولنا تذكيرهن بأن المسألة ليست بطولة حتى ولو انتصرنا عليهم بقلة عددنا وانعدام عتادنا .. وأن الانسحاب التكتيكي لحين معركة تكون فيها القوتين متكافئتين لا تعد جبنا ولا خوفا. .. لكن البنيات لم يزدن إلا تصلبا في الموقف.. قلنا لهن ليس من الحصافة القاء أيدينا إلى التهلكة .. لكن زدن تصلبا وطلبن منا أن نذهب نحن وهن من سيقمن بالواجب.. وهنا بالذات بدأت تطوف بخيالاتنا أغنيات الحماسة الجعلية المتهورة.. التي كادت أن تودي بحياتنا فبدأت تطوف بأذهاننا:
يا أخواتي البنات الجري دا ما حقي.. حقي المشنقة والموت مع الثكلي.. حالف باليمين أعز بنات أهلي.. وبالفعل بدأت معركة لا يسندها أي عقل ولا منطق ولاهدى ولا كتاب منير .. ولم تستمر المعركة سوي أقل من نصف دقيقة أصبت فيها بسيخة من يد رجل عاتي كريه اللقاء (شلولخ) اسمه أحمد الفجو.. هو أﻵن علمت أنه معتمد في ولايتهم بدارفور.. ولم أع شيئا إلا في صباح اليوم التالي في مستشفى الدمرداش ولم يكن الأخوة والأخوات بأفضل حال مني.. إذ أنه كما توقعنا تماما ضربنا ضرب غرائب الإبل بدون رحمة و لا رأفة .. فالقوم يعدوننا من الكفار الذين سينالون رضا الله إن هم قتلونا..
أضاف لي أحد الزملاء هذه الإضافة: فهو ممن ضربوا في هذه المعركة:
هذه المعركة كانت بمعاونة الامن المصري و عسكر حسني مبارك و كلابه البوليسية .... فحينما نادى مناديهم الطبيب الآن ( من دخل الخيمة ومن دخل دار الاتحاد فهو آمن ) كان الرد باعلى صوت ( الدار ليس دار ابو سفيان ) هنا هجم علينا العسكر المصريين (جاءوا قبل ذلك بحوالي ٥ دقائق بعرباتهم وكلابهم البوليسية ) هجموا علينا بغتة كل عسكري ( حوالي ١٠ ) يمسكون بالكلاب البوليسية و يجرون بها نحونا و باقي العسكر ( كنا في اتجاه كلية التربية ) فتشتتنا و اخرون كانوا في الخيمة فاصيبوا باصابات مختلفة
كان اتفاق الامن المصري مع الكيزان معلوم للجميع