قراءة نقدية في عناصر فن القصة (٤)
الوصف في فن القصة
بقلم: مصطفى نصر
الوصف هو تسليط الضوء على الأماكن والأزمنة والشخصيات في القصة، فالوصف في اصطلاح النقاد هو الرسم بالكلمات لمواقع وقوع الحدث القصصي، وأزمنته، والمعالم الخلقية (الخارجية) والوجدانية (الداخلية) لأبطال العمل القصصي، ويسمى أيضاً (فن التصوير القصصي)، اذ يسلط فيه الكاتب الأضواء بلغة مشوقة لكشف بعض المعالم في النص، من أجل كسر رتابة السرد، شريطة عدم الإطالة، خاصة في فن القصة القصيرة التي تقوم على التركيز.
والوصف أنواع متعددة، وهنالك أوجه كثيرة لسمات التصوير القصصي، وهناك بعض من السمات التي تتوافر بشكل كبير وتتميز بها لوحات التصوير القصصي منها "المضمون القصصي والتكوين الدرامي، والتشخيص، والتعبير بـ (الوجه والجسد)، والحركة، والرمز، وتسلسل أو ترابط الأحداث، والضوء والظل، واللون، والتشخيص. وبتكامل كل هذه العناصر يتكامل الرسم بالكلمات ليعطي صورة أقرب واقعية وقدرة على جذب القارئ للنص وربطه به.
وللوصف أنواع كثيرة: أهمها : الوصف الوظيفي: وهو أكثر ألوان الوصف استخداما في القصة، ويقوم على وصف وظيفة البطل ليصل من خلالها لأهم ملامح شخصيته السلوكية والاجتماعية والنفسية، فإذا كان البطل عسكرياً فإن وظيفته تصبغ على سلوكه ووجدانه بعض المعالم الخاصة كالصرامة وحب السيطرة والميل للضبط والربط، وإذا كان موظفا حكوميًا له خصائصه في تقديس اللوائح والقوانين والروتين في العمل، كمًا أن شخصية رئيس العصابة تفرض بعض المعالم النفسية القائمة على الجريمة والانحراف والخروج على القانون، فالعامل في الأعمال اليدوية التي تقوم على النشاط الجسماني أكثر تحملا للضغوط، من الموظف المنعم الذي يمارس عمله تحت التكييف.
ومنها أيضاً: الوصف الوجداني (الذاتي): الذي يركز على الخصائص النفسية لبطل القصة، وهل هو حساس مرهف الحس، أو أنه متبلد الإحساس تجاه الآخر، وهل يشعر بالحرية ويعشقها ، ويقاوم الضغوط الاجتماعية وتدخل و الآخرين في شؤونه، أم انه شخصية سهلة الانقياد يخضع لسيطرة الآخرين عليه، وهل هو يبادر للعمل وعنده استعداد لبذل الجهد ، ويقدم العون للآخرين ويمكن الاعتماد عليه، أم أنه كسول مهمل يسوف في أداء أعماله ولا يبادر إلا تحت الضغط، وما شابه ذلك من معالم شخصية البطل.
ومنها: الوصف الخارجي: للمظاهر الخارجية لشخصية البطل، كاللون والطول والشكل والأزياء والزينة وتصفيف الشعر، ومنه الوصف الخارجي لأماكن وقوع الأحداث، وهل هي ذات مظاهر غنية أو فقيرة نظيفة أو متسخة، مزدحمة أو قليلة السكان، هادئة أم ضاجة، وأنماط المهن وسبل العيش، ويقابله: الوصف الداخلي: و الوصف الداخلي: يُستخدم لوصف الصفات الشخصية الخاصة بالموصوف (الإنسان)، وخصائصه الانفعالية.
ومنها الوصف الواقعي: ويسمى أيضًا (الوصف الموضوعي)، وهو وصف الأشياء على الحالة التي هي عليها في الواقع دون مبالغة أو مدح أو تقليل منها، فينقل الصورة كما هي دون تخيلات أو رتوش أو إضافات، ولا يميل فيه الكاتب للخيال، ويقابله الوصف الانفعالي: الوصف الانفعالي: ويسمى أيضاً بالوصف الوجداني أو الذاتي، وفيه لا يكتفي الواصف بوصف الشيء فقط بل ينتقل إلى إضافة مشاعره وخيالاته أثناء ذلك.
وهناك الوصف الأدبي وهو خاص بالشعر والنثر الفني والخواطر ولا يستخدم في فن القصة صف الأدبي: وهو الوصف الذي يستخدم في القصائد أو الخواطر أو القصص النثرية، ويعتمد على الخيال والتشبيهات والأساليب الأدبية من محسنات بديعية ولفظية، وطباق ومقابلة وجناس ووقد استخدم هذا النوع في العصر الجاهلي لوصف الأطلال والناقة والمحبوبة والرحلة والصيد وكذلك وصف الحالة الشعورية التي كان يعيشها الشاعر أثناء رفض حبيبته له أو بعده عنها.
وبعد: هذه لمحة دالة عن فن الوصف القصصي تعريفه وأنواعه، والذي يعد أداة هامة. في يد القاص أو الروائي - مع السرد والحوار، في المقال القادم نتوقف بإذن الله عن أهم تقنيات صياغة السرد الروائي.. ونماذجها من قصص وروايات محددة تقرب الصورة لأدبائنا وأديباتنا من الشباب والشابات