محمود عبد العزيز في ذكراه الغراء
بقلم الطيب عبد الماجد
( كأني مديون للعذاب ) ..!!
في كل مره يخشي فيها السودانيون توقف ( مطر ) الإبداع ونضوب ( عطر ) النيل
يجيك واحد كدا ( يطمنم ) ويقول ليهم البلد ولادة
ولسا شايله …..!!
وبهذا الفهم ولهذا الوعد …جا الود الشقي ( محمود ) …..!!
محمود عبد العزيز …….ود المزاد وبحري
و ( بحري ) دي لما يقولو عليها ( سر الهوى ) ما من فراغ فهي كذلك …!!
ولكل مدينة ومنطقة وقرية وحلة وحي في هذا السودان الفسيح ( سر ) وريحة وطعم ولون مختلف عن التاني …..!!
لذلك منحته ( بحري ) الحضور والمؤانسة…
جمال الأيام والعشرة النبيلة …!!!
ولأن معين إبداعه أكبر….ومنذ بداياته الأولى
لم يستوعب داخل ( محمود ) المتأجج …هدوء ( بحري ) الرصين …!!بحكم العمر والموهبة المتدفقة والتجربة ….!!
ففاض الفتى ….!!
وقد حباه الله صوتا أكبر من عمره …
فولد ( حوتاً ) وليس سمكة زينة كحالة فنية نادرة وصريحة …..!!
ولأن السودانيين بطبعهم تأسرهم الحاجه السمحة
وتستوقفهم ( الفلتات )
توقفو عند ( محمود ) …!!
لكن بعضهم بعثوا في البدايات برسالة مفادها إنو الود دا
متمرد على الغناء بشكله التقليدي ….وخارج عن النص
وبغني بي طريقتو …!!
فخشي الكبار والمحافظون أن يسوق ( محمود ) الأغنية للشارع التاني فتحفظو في متابعته …!!
( قايلنو محمود والنمر ….!! ولم يكونو على علم وقتها
انه محمود والحوت) ..!!
ولأن الشباب بطبعة أكثر انفتاحاً على الجديد
والأكثر استعدادًا للمغامرة
وركوب ( الأنغام ) وحتى الألغام
استقبل الحوت …!! وانسجم معه …
فوجد الفتى حاضنة شعبية فيهم وبدأت رحلة الاقلاع والتحليق …!!
حسو إنو بغني ليهم …..!!
ولأنو ( مختلف ) جاب أغنيات حقتو ….
وكانت مدهشة لحناً ونص ….عميقة دلالة ومضمون
وكبيرة شكلاً وموضوع ….!!
فعبر حوته ….!!🥰
وساق معاهو مئات الآلاف من الذين أدمنوا حبه
يلاحقونه من المكتبة القبطية مروراً بنادي التنس حتى نادي الضباط وفي الشوارع والجامعات …!!
وجاهر بعضهم ….( ما بطيق لي غيرو أسمع ) …!!
واصبح محمود دائرة مغلقة للحواتة والمحبين
والفتى يتدفق إبداعًا على المنصات ويتداعى روحاً في الليالي ويحلق بهم مصبراً إياهم واعداً بالأمل …..
وما تشيلي همك في الدموع
بحر الحزن ما ليهو قيف
راجنك الفرح الجميل
شوق إنتطار عندك نقيف
واتصبري…!
فتهتز المسارح تحت أقدامهم وهم يلوحون بالأيدي
والمشاعر لحبيبهم ( الحوت )
والذي يعلو بصوته وينزل كيفا شاء …..ويتجول بين
( القرار والجواب )
( وهي مناطق صوتية يعرفها أهل الموسيقي )
وكأنه ( يحوم ) في حديقة عبود
يتفنن في أخذهم الى عوالم أخرى بعيدة
ويتجلي في سواقتم ب ( الحلا )
( وهو في أحلى من كدا ) 🥰
أبقي المباهج والضريح خلينا في ظل نستريح
نعبر مدن أعمق خيال نتغني باللهج الصريح
مرسومه في لوحه جمال مرتاحه في قلبي الجريح
ماتبقي خوف …أبقو الصمود 🫵
فامتلك الحاج ناصية المسارح …..التي فتخت له أبوابها
في الأبيض ( الفنانة ) وكوستي ( الرزينة ) ومدني ( الموهوبة) وبورتسودان ( الأنيقة ) وكل مدن السودان وتحول محمود الي أيقونة وظاهرة وأسطورة ….!!
وعلت صورته ظهور الحافلات ( والركشات )
وديل الوحيدين البعرفو المزاج الشعبي العام ماشي وين
( عابر يا بعاتي ) ….!!
محمود الفنان الوحيد الذي أجبر الأجهزة الإعلامية الرسمية
على ملاحقته …وحظرها شرف تقديمه فقد تجاوز مدى بثهم على ظهر الكاسيت وقتها وكان يوزع أكثر مما يظنون
فصنع نجوميته بعرق ( حنينه )
وتلاحقت إصدارتة الفنية بكثافة وكأنه كان يشعر أن
العمر قد لايسمح بالكثير ….فكان نجماً تلاحقة كاميرات التلفزيون ……. وكان ضنيناً بالظهور ..!!
وعمري ….
بعدو بالساعات عشان
خاطر موعيدا
الحوت ياخ 🥰
واستطاع محمود أن يعيدهم للإرث الغنائي الكبير …
فكان يختار من ( الحقيبة ) زهور
ومن أغنيات الكبار درر وعطور …..
ويرددها بصوته ( المختلف )ويضيف لها من أداءه ( العبقري ) فيزيدها طلاوة على حلاوتها
حتى قال ( محمود ابو العزايم ) ذلكم الإعلامي الناصع
(( محمود الفنان الوحيد البغتي أغنيات غيرو بذات الجمال
والتألق ….ويتفوق أحيانا…))
ودي شهادات ( سميعة ) محترفين سمعو أي حاجة
فخلق الحوت جسر لأجيال جديدة لتعبر من خلاله نحو مخزون الأغنيات السودانية ….!!
غني العجب حبيبي …..
فرقصت كل حسان السودان …
ودموعي السالت والمنام أبى لي أنا
والعجب حبيبي
محمود لو غنى ( برز الثعلب يوماً ) ….ممكن يجضما
وأسعدنا حبك ياجميل
رغم أنه ملأ الدنيا وشغل الناس لم يغادر( الحوت ) ذلكم البيت الوديع في المزاد الحنين ….!!
وقد أفلح الرجل …..فعطر المكان يوفر له سلامًا داخليًا واستقراراً روحياً
وهو يلتقي بالناس والجيران والحبان يتبادلون الود والسلام والضحكات والفول من الدكان
ناس المزاد ديل ناس الفرح … والفرحة حقتم الا الدنيا شغلتم
…وربي مناي تعيدا …
لذلك كان ( محمود ) يغني من روحه المبذولة في شوارع بحري …ويتنفس الاحباب …..!!!
والخطوه من دونك ….!!
خطوه منك كيف؟
كان يحمل لي وداً خاصاً ومحبة ….سعدت بها
إتصلت عليهو مره قلت ليهو يا محمود انا مستضيف أولاد صغار كدا لكن مبدعين ….بشبهوك …تعال
قال لي بجيك ….أنا ذاتي كايس الأطفال ديل بفرحوني
وقد حضر …
وشفتو غنى بي مزاج كيف في الليلة ديك
ردد يومها ( الوسيم ) للعميد أحمد المصطفي والذي لو كان حاضرًا لمنحه نوط الجدارة ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى على هذا الاداء المبهر والإحساس الجميل والغنا المن جوه
وقد كان عميدا أركان ( حب ) 🧡 وكان حوته
( الوسيم ) القلبي رادو
محمود عبد العزيز رغم ( الشفتنة ) التي تبدو على ( مغناه )
هو زول طيب شديد ومسكين شديد ومهذب وضحكتو
مبهجة وخجولة ….ولطيف …!!
عندو قفشات كدا لو سمعتوها
بتموتو من الضحك ……!!
حلوة زي غنا دا ….!!🫶
( محمود ) فنان كبير وكبير شديد ….ظلمته الحياة
ولاحقته الأقدار….وهي أحيانا ضريبة الكبار …!!
ولطالما كنت أحسه يستلف من ( روحه ) المرهقة ويدفع ثمن البقاء عندما يردد
وكأني مديون للعذاب بكل ذلك الصدق والشجن والاستغراق
و يا وجعة الزول اليتيم
ويا حسرة القلب الرهيف
ناسي الزمان اتغيرو ……..!!
لكني ما اتغيرت أنا
( محمود ) ظاهرة كونية فريدة ولا يتأتى هكذا قبول
من فراغ ولا يتهيأ لفنان مثل هذا الاحتفاء
الا إذا ترك بصمة فوق العادة …..!! وكان غير ..!!
ولازال أحبابه يجتمعون ويحتفلون في ذكرى رحيله المر
ﻏﺪﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﺴﺢ ﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ
ﻭﺑﺪﻻ
( واخترت انت طريق طويل سكتنا مازي سكتك )
مضى الشاب الرقيق كما ( الشهاب ) بعد ا أن سطع في سماء الإبداع وقال كلمته ناصعة وجلية في شارع الغناء السوداني ووقع وبصم في دفتر الحب و ( بالعشرة ) ….
( يعوضك الله روح بالفيك منو الغير الله عاد بجزيك
ولاتسأل هي راحت وين تروح إن شاء الله في ( ستين )
لذلك رثيته عندما رحل بأبيات عجلى وفاء بوفاء ووداً بود
قلت ليهو في نهايتها
(حواته يقروك السلام
واقبل سلام كل الأهل
( الطيب ) يكتبلك جواب
إن شاء الله بس يا حاج وصل …
مضي ( محمود )وترك جمالاً بلا حدود …ترجل وترك
رحيق شجون …وبعض أمنيات …وكثير أمل
والريدة بين الناس صلة ….
صحي يا جان …!!!؟؟